-
Syria After Moscow: Redefining Alliances and the Kurds at the Heart of Decision-Making
في لحظة تاريخية انتقالية هامة، وفي خضم المرحلة الانتقالية الحالية في سوريا، قام الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع بزيارة روسيا في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2025، لتكون أول زيارة رسمية سورية روسية منذ هروب الأسد.
تُشكّل هذه الزيارة فصلاً جديداً في العلاقات الثنائية بين البلدين، إلا أنها تُثير تساؤلاتٍ عميقةً عديدةً حول شكل المرحلة المقبلة وملامحها. لا يُمكن اعتبار هذه الزيارة مجرد استمرارٍ للعلاقات بين موسكو ودمشق؛ بل تحمل دلالاتٍ استراتيجيةً وسياسيةً تتجاوز الحدود الدبلوماسية، لا سيما في ظلّ هشاشة وتعقيد التوازنات الداخلية السورية، وفي مقدمتها القضية الكردية، أحد أكثر الملفات تعقيداً في الوقت الراهن. ففي ظلّ سعي الشرع إلى اكتساب شرعية دولية في هذه المرحلة الحساسة، وسعي موسكو إلى استعادة علاقتها مع النظام السوري لحماية وتعزيز نفوذها داخل سوريا، تبرز القضية الكردية كاختبارٍ جدّيٍّ وحقيقيّ لقدرة السلطات الانتقالية على الاعتراف بالتعددية والمواطنة على قدم المساواة.
إعادة تعريف خريطة التحالفات
تُتيح زيارة الشرع إلى موسكو فرصةً لإعادة بناء مكانة سورية على أسسٍ تُوازن بين الاستقلال الداخلي وضرورة بناء شراكات إقليمية ودولية. وبتعبيرٍ أدق، تهدف الزيارة إلى خلق بوابةٍ تُعيد تموضع سورية على الساحة الدولية.
بعد فترة من التوترات التي اتسمت بالغموض التام، تسعى موسكو جاهدةً إلى ترسيخ نفوذها السياسي والعسكري من خلال تفاهمات مع السلطات الانتقالية في سوريا، بما لا يتعارض مع المصالح الداخلية السورية، وأبرزها قضايا اللامركزية والفيدرالية والحكم الذاتي في شمال شرق سوريا. لذلك، ترى موسكو هذه الزيارة ضرورة استراتيجية ذات صلة بالوجود الروسي في سوريا الجديدة. ويبدو أن هناك تحولاً في خطاب موسكو، يعكس إدراكها أن الاستقرار في سوريا الجديدة يتطلب صيغة سياسية شاملة للجميع، وخاصة الأكراد، على عكس التركيز السابق على النهج الأمني فقط.
في المقابل، يُقدّم الشرع نفسه شريكًا متوازنًا من خلال تصريحاتٍ مُصاغة بعناية في الكرملين، مُلمّحًا إلى الحفاظ على التوازن بين مطالب الشعب السوري ومصالح موسكو، مُؤكّدًا على سيادة سورية بعيدًا عن المواجهة المباشرة. وشدّد على استمرار التعاون الاستراتيجي بين البلدين في إطار الاحترام المتبادل لسيادة كلٍّ منهما، ناقلًا رسالة طمأنة لروسيا من جهة، ومُؤكّدًا على استقلالية سوريا عن نظام الأسد من جهة أخرى.
تُعتبر زيارة الشرع لموسكو بمثابة إعادة ضبط للبوصلة السياسية في سوريا الجديدة، من خلال إعادة تحديد التحالفات والتوازنات مع روسيا. ويرتبط هذا المسار ارتباطًا وثيقًا بملفات داخلية أكثر تعقيدًا وحساسية، أبرزها القضية الكردية، التي تُمثل اختبارًا حقيقيًا لمدى الاستعداد للانفتاح الكامل وضمان المشاركة في رسم مستقبل سوريا، واعتماد نهج أكثر توازنًا يحفظ حقوق الجميع قانونيًا ودستوريًا.
**الأكراد في مركز المعادلة الجديدة**
من الضروري تناول القضية الكردية عند مناقشة إعادة التوازن بين دمشق وموسكو. فقد أصبحت هذه القضية ركنًا أساسيًا وجزءًا لا يتجزأ من التحالفات والتوازنات والاستقرار الشامل في سوريا. ولم تغفل زيارة الشرع هذه الأبعاد الحساسة، بل كانت تأكيدًا مباشرًا على أن مستقبل العلاقة بين البلدين يعتمد إلى حد كبير على كيفية تفاعلهما عمليًا مع التطلعات الكردية إداريًا وسياسيًا.
أصبح للأكراد الآن حضورٌ حقيقي على الأرض، لا سيما بعد أكثر من عقد من السيطرة الفعلية للإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، مؤسسيًا وعسكريًا. لذلك، لم يعد إقصاء الأكراد أو تجاهلهم، كما كان الحال في عهد النظام العلوي، خيارًا؛ بل أصبح التعامل البراغماتي معهم ضروريًا. تعمل روسيا حاليًا على إشراك الأكراد في الحل السياسي السوري، متجنبةً استفزاز تركيا، وفي الوقت نفسه، تمارس الضغط على دمشق لدمج المكون الكردي بشكل كامل في بناء سوريا الجديدة، لبناء بنية متينة ومتماسكة تضمن استقرارًا مستدامًا، لا تهديدًا لوحدة سوريا أو تفككها، كما يفسرها البعض.
يتجلى الحذر السياسي في الملف السوري، لا سيما فيما يتعلق بالاعتراف بالهوية الكردية وحقوق الشعب الكردي. ويؤكد الرئيس المؤقت، في خطاباته العلنية، على أن هذا الاعتراف يجب أن يكون شاملاً وغير انفصالي، داعياً إلى لامركزية متوازنة وتوزيع مرن بين جميع المكونات. إلا أن العديد من الأكراد يُعربون عن شكوكهم وإحباطهم، معتبرين هذه الخطوة خطوةً قد تفرض المركزية على المناطق الكردية تحت ستار اتفاقيات متعددة الأطراف أو ترتيبات دولية، مما يُهدد ما حققته الإدارة الذاتية على مدى العقد الماضي. وهذا يُغذي مخاوف الأكراد العميقة من أي حل سياسي محتمل، بالنظر إلى ما عانوه من تهميش وإقصاء وتمييز في عهد نظام الأسد.
ويصر العديد من القادة الأكراد على المشاركة الحقيقية في الحوارات المتعلقة بمستقبل سوريا، مؤكدين أن أي تفاهم سوري روسي يجب أن يأخذ في الاعتبار المطالب الكردية سياسياً وقانونياً لضمان الاستقرار الداخلي، وخاصة في شمال شرق سوريا.
روسيا مستعدة للتوسط في هذا التوازن الدقيق، مدركةً تمامًا أن استقرار سوريا يجب أن يكون شاملًا وشاملًا، خاليًا من الإقصاءات والانقسامات الجديدة. تُعتبر هذه الزيارة بمثابة بوابة للمستقبل.
زينة عبدي
Tags
You May Also Like
Popular Posts
Caricature
opinion
Report
ads
Newsletter
Subscribe to our mailing list to get the new updates!

