-
اختبار ضبط الجماعات المتشددة.. أوروبا تشترطها مقابل دعم سوريا
-
الموقف الأوروبي من الحكومة السورية الجديدة يحمل إشارات واضحة: لا تخفيف للعقوبات أو دعم مالي مباشر دون اتخاذ خطوات ملموسة تجاه ضبط الجماعات المتشددة وتحقيق إصلاحات سياسية

لم تعد الرسائل الأوروبية الموجهة إلى الإدارة السورية الجديدة تحمل الطابع الدبلوماسي التقليدي، بل باتت تتسم بالصراحة والوضوح، خصوصًا فيما يتعلق بضرورة التعامل الحازم مع الجماعات المتشددة.
ووفق مصادر مطلعة، شهد اجتماع بين مبعوثين أوروبيين ووزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، طرحًا مباشراً لمطالب تتعلق بفرض رقابة صارمة على الفصائل المسلحة. كما تضمن اللقاء تحذيرات من أن الدعم الدولي المخصص لسوريا سيكون مشروطًا باتخاذ إجراءات عملية لضبط الأوضاع الأمنية.
وصرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، كريستوف لوموان، بأن "الانتهاكات التي وقعت مؤخراً في سوريا لا يمكن التهاون معها"، مؤكدًا ضرورة تحديد المسؤولين عنها ومحاسبتهم. كما أوضح أن "الغرب يراقب قادة سوريا من كثب للتأكد من أنهم يسيرون على طريق الإصلاح"، مضيفًا أن "وقف تجاوزات الجماعات المتشددة يعد شرطًا مشتركًا بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة".
هل تستطيع دمشق ضبط الفصائل المسلحة؟
ويدور التساؤل حول مدى قدرة الإدارة الجديدة في سوريا على التعامل مع الجماعات المسلحة التي لا تشكل تهديدًا داخليًا فقط، بل تؤثر أيضًا على موقف المجتمع الدولي من مستقبل البلاد.
ويشير الصحفي السوري محمد عبد الله، خلال حديثه إلى قناة "سكاي نيوز عربية"، إلى أن "التحدي الأكبر أمام الإدارة الجديدة يكمن في كبح نفوذ الفصائل المتشددة، التي لا تهدد فقط الاستقرار العام، بل حتى وجود السلطة الجديدة ذاتها".
ويضيف: "التعامل مع هذه الجماعات يتطلب أكثر من مجرد قرارات سياسية، فالأمر يرتبط بطبيعة أيديولوجياتها المتشددة، فضلاً عن وجود مقاتلين أجانب ضمن صفوفها، وهو ما يجعل مسألة احتوائها أكثر تعقيدًا".
كما يرى أن "التجربة السابقة في الساحل السوري قدمت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الحكومة الجديدة على التحقيق في الانتهاكات ومحاسبة المتورطين، وهو أمر سيكون حاسمًا في تحديد مدى امتثالها للمطالب الدولية".
أوروبا بين العقوبات والمساعدات.. الحسابات مستمرة
وفي هذا السياق، تشير الكاتبة الصحفية مايا خضرا إلى أن "رفع العقوبات الأوروبية عن سوريا لا يزال مرتبطًا بتنفيذ مجموعة من الشروط التي جرى تحديدها خلال قمة المانحين في بروكسل".
وتلفت إلى أن "التوترات الأخيرة في الساحل السوري زادت من تصلب الموقف الأوروبي تجاه دمشق، حيث أصبحت بروكسل أكثر حزمًا في اشتراطاتها".
ورغم ذلك، توضح خضرا أن "المساعدات الإنسانية لم تتوقف، إذ أقر الاتحاد الأوروبي حزمة دعم مالي بقيمة 5.8 مليار يورو لسوريا، في خطوة تعكس استمرار الاهتمام الأوروبي بالملف السوري، لكن دون تقديم تنازلات مجانية".
كما تكشف عن "تخفيف بعض القيود الاقتصادية، بما في ذلك رفع الحظر عن 5 مصارف سورية وتخفيف القيود على قطاعات حيوية مثل الطاقة والمواصلات، وهو ما انعكس على تحسن جزئي في خدمات الكهرباء".
غير أنها تشدد على أن "الأوروبيين لا يزالون مترددين في منح ثقتهم الكاملة للإدارة السورية الجديدة، في ظل استمرار الغموض حول مدى التزامها بالإصلاحات السياسية واحترام حقوق الإنسان".
معضلة المقاتلين الأجانب ومستقبل سوريا السياسي
ولا تزال مسألة المقاتلين الأجانب تشكل محور قلق رئيسي لدى العواصم الغربية، إذ تؤكد بعض التقارير أن هؤلاء يشكلون جزءًا من المشهد العسكري في سوريا.
ويقول محمد عبد الله: "هناك تجارب دولية سابقة، مثل ما جرى في البوسنة، حيث تم دمج بعض المقاتلين الأجانب أو منحهم الجنسية كحل طويل الأمد، لكن في الحالة السورية، هذا النهج يبدو أكثر تعقيدًا بسبب طبيعة التكوين الفكري لهذه الجماعات".
من جهتها، ترى الكاتبة مايا خضرا أن "الإدارة الجديدة بحاجة إلى اتخاذ خطوات ملموسة إذا كانت ترغب في كسب ثقة المجتمع الدولي، سواء فيما يتعلق بضبط المقاتلين الأجانب، أو تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية تجعل سوريا شريكًا أكثر قبولًا على المستوى الإقليمي والدولي".
ما الذي ينتظر سوريا؟
وبين الضغوط الأوروبية وتعقيدات المشهد الداخلي، تجد الحكومة السورية الجديدة نفسها أمام اختبارات صعبة، فالمعادلة تبدو واضحة: لا دعم دوليًا دون تحقيق خطوات ملموسة في ملف ضبط الفصائل المسلحة وتعزيز الاستقرار.
ورغم ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تستطيع دمشق تنفيذ هذه الشروط دون أن تجد نفسها في مواجهة جديدة داخل البلاد؟ الإجابة ستتضح في الأشهر المقبلة، حيث يترقب الجميع المسار الذي ستسلكه الإدارة السورية في هذه المرحلة المفصلية.
ليفانت-سكاي نيوز
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!