-
الشارقة للفنون تنظم معرض «شِباك لليل والنهار» في لوكسمبورغ
-
عمل «الأحلام تصنع التاريخ» للفنانة لبينا حميد

تنظم مؤسسة الشارقة للفنون معرض «شِباك لليل والنهار» للفنانتين لبينا حميد وماجدة ستاوارسكا، والذي يقام في متحف الدوق الأكبر جان للفن الحديث (مودام لوكسمبورغ)، في الفترة بين 6 مارس/ آذار و24 أغسطس/ آب 2025.
وكانت المؤسسة قد استضافت هذا المعرض في الشارقة في خريف عام 2023، تحت عنوان «زمن متضافر/ مياه عميقة»، ليحل هذا العام في متحف مودام ضمن رؤية جديدة تعكس السياقات الاجتماعية والثقافية في لوكسمبورغ، البلد الذي يحتضن نسيجاً متعدد الهويات لمجتمع مهاجر يتسم بالتنوع والتنقل.
يستكشف المعرض أكثر من عقد من الشراكة الإبداعية بين لبينا حميد (مواليد 1954، زنجبار)، الرسامة البريطانية البارزة وإحدى الشخصيات الرائدة في حركة الفنون السوداء البريطانية، وماجدة ستاوارسكا )مواليد 1976، رودا شلونسا، بولندا)، الفنانة متعددة التخصصات التي تجمع في ممارستها بين الصورة المتحركة، والمساحات الصوتية، والطباعة الحريرية.
صممت حميد وستاوارسكا «شِباك لليل والنهار» كعرض أدائي يستحضر الذاكرة وكأنه مقطوعة موسيقية تتكشف عبر وسائط متعددة، من اللوحات والرسومات، وصولاً إلى المنحوتات والطباعة الحريرية، مروراً بالفوتوغراف والأعمال التركيبية الصوتية، حيث يضم المعرض أكثر من خمسين عملاً فنياً منذ أواخر التسعينيات وحتى اليوم، ويدعو الزوار إلى رحلة عبر السفن، وعلى متن العربات، وفي عوالم الأحلام التي صاغها خيال الفنانتين.
ومن خلال حوار متشابك بين الذاكرة، واللون، والصوت، والحركة يُعيد المعرض تشكيل تجارب الحياة المُعاشة والمُستعادة، ليكشف عن أغنية تتفتح عبر طبقات من الحنين والانتماء، وتُبرز ملامح الفقدان، وتجسد قوة الذاكرة في إحياء التاريخ واستعادة الهوية الفردية، إذ نرى في عمل «زنجبار» (1999-2023) سلسلةً من تسع لوحات مزدوجة رسمتها حميد، لتروي عبرها رحلات حقيقية ومتخيلة من وإلى مسقط رأسها زنجبار، يُصاحبها مشهدٌ صوتيٌ أبدعته ستاوارسكا وتتناوب فيه أصوات السرد الذكورية والأنثوية التي تستحضر ذكريات وأمكنة وفضاءات من الحزن والحداد.
وباعتبارها واحدةً من أكثر القضايا إلحاحاً في عصرنا تتجلى مسألة الهجرة والتنقل في المعرض عبر مطبوعات الشاشة الحريرية ولوحات تصور السفن والقوارب التي تبدو نابضة بالحياة، إذ تحمل في طياتها حيوات متعددة وتواريخ
متداخلة، تعكس تجارب إنسانية وصناعات متنوعة. تقول حميد: «أصبحت فكرة إدخال القوارب في القصة أمراً جوهرياً، فهي ليست مجرد وسيلة نقل، بل منصات للعمل والإنقاذ، ومساكن مؤقتة، وفضاءات للترفيه، وهي أيضاً شاهدة على مآسٍ عميقة ورعب لا يوصف. القوارب ملاذات يلجأ إليها البعض، ومساحات يفر منها آخرون. أراها بمثابة منازل مؤقتة متحركة." في هذا الفضاء، يُدعى الزوار للتفاعل مع اللوحات، والصور الفوتوغرافية، والمنحوتات، ضمن سينوغرافيا مصممة بعناية تستحضر سياقات متخيلة وواقعية للحركة والتنقل، سواء أكانت هجرات قسرية، أو تحركات وظيفية، أو تجارب جمالية.
لبينا حميد
اتخذت الفنانة والقيّمة والمعلمة لبينا حميد مساراً فنياً فريداً، وذلك عبر تجاوز حدود الفن التصويري وتوسيع إمكانياته. تدربت في البداية على التصميم المسرحي، ثم على التاريخ الثقافي، فأظهرت في أعمالها انشغالاً عميقاً بالأوبرا، وقدمت منظوراً جديداً حول فضاء الرسم الذي ساده الرجال عبر التاريخ. تضفي أعمالها الحياة على شخصيات متخيلة، حيث تتجلى على شكل أشياء اعتيادية كالعربات والأدراج والأبواب، أو لوحات لمناظر داخلية أو بحرية، فتدعو هذه المناظر بفضل دقتها وإتقانها المشاهدين إلى عوالم وكينونات خفية لأفراد تم تجاهلهم في السرديات التاريخية.
تعتبر حميد على نطاق واسع من أبرز الشخصيات المؤثرة في حركة السود البريطانية، حيث تتحدى عبر ممارستها التي تتضمن اللوحات والأعمال التركيبية وإقامة المعارض وإنتاج الصوت والكتابة، المحو الذي تعرضت له مساهمات مجتمع الشتات الإفريقي على مر العصور، ليطرح صوتها الفريد، الذي يعدّ منارة في المشهد الثقافي البريطاني والعالمي، أطراً جديدة للخيال الفني.
ماجدة ستاوارسكا
على نحو عقدين من الزمن، عملت الفنانة البولندية المقيمة في بريطانيا ماجدة ستاوارسكا على استكشاف وسبر عتبات الذاكرة، والأشكال المكرّسة للتاريخ، وتجارب الإصغاء الفاعلة، حيث وظّفت الصوت والأداء والصورة المتحركة والفوتوغراف والرسم والطباعة، في إظهار سرديات الماضي المهملة والمتنازع عليها من خلال ممارستها القائمة على مبدأ «الإصغاء الداخلي».
غالباً ما تبدأ مقاربتها لصناعة الفن باستكشاف المدن، واجتياز الطرق كيفما اتفق لها، مما يجعلها أشبه بمتجول ينتقل بحرية بين كل موقع، وبما يفتح المجال أمام علامة موسيقية متناغمة تكشف عن طبوغرافيا حضرية متعددة الطبقات. تصبح هذه المشاهد المتموضعة أساس شكل لغوي فريد ينتمي إلى فئة الخيالات المستحضرة، وتعمد ستوارسكا برفقة معاونيها المختارين بعناية إلى تفكيك طبقات المشهد السمعي، باستخدام اللغة والتأمل الشخصي لإنشاء أعمال تركيبية تحشد المشاعر المفعمة بالحيوية.
حول متحف الدوق الأكبر جان للفن الحديث (مودام لوكسمبورغ)
يقدم "متحف الدوق الأكبر جان للفن الحديث" (مودام لوكسمبورغ) أهم الأعمال الفنية في عصرنا ويجمعها ضمن مقتنياته الدائمة. يعزز المتحف من خلال معارضه، ومنشوراته، وبرامجه الفنية والتعليمية، البحث والحوار، مع التركيز على الطبيعة المتغيرة للفن والمجتمع، ويسعى ليكون مرجعاً في الفن المعاصر، مجسداً التميز في المجالات الفنية، والمعمارية، والثقافية.
يعمل «مودام» بالتعاون مع فنانين ومنتجي الثقافة من مختلف أنحاء العالم، حيث يتميز برنامجه الفني بالتنوع، والتجريب، والتجاوز للحدود الجغرافية والتخصصية. يسعى المتحف، مستلهماً من الفنون القديمة والمعاصرة، إلى تقديم رؤية للعالم الحديث تُثري الفكر والمشاعر على حد سواء، كما يشجع على إقامة علاقات جديدة بين الأفكار، والأفراد، والمجتمعات، والأجيال، والسرديات.
يكرس «مودام» جهوده لدعم الإبداع، والتعددية، والمشاركة الثقافية للجميع. وكما هو الحال مع لوكسمبورغ نفسها، يتمتع المتحف بموقع في قلب أوروبا ورؤية منفتحة على العالم، ويلتزم بالمساهمة في بناء عالم أكثر شمولية، وتسامحاً، ومسؤولية، حيث تلعب المتاحف دوراً رئيساً في نقل التراث الثقافي للأجيال القادمة.
حول مؤسسة الشارقة للفنون
تستقطب مؤسسة الشارقة للفنون طيفاً واسعاً من الفنون المعاصرة والبرامج الثقافية، لتفعيل الحراك الفني في المجتمع المحلي في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، والمنطقة. وتسعى إلى تحفيز الطاقات الإبداعية، وإنتاج الفنون البصرية المغايرة والمأخوذة بهاجس البحث والتجريب والتفرد، وفتح أبواب الحوار مع كافة الهويّات الثقافية والحضارية، وبما يعكس ثراء البيئة المحلية وتعدديتها الثقافية. وتضم مؤسسة الشارقة للفنون مجموعة من المبادرات والبرامج الأساسية مثل «بينالي الشارقة» و«لقاء مارس»، وبرنامج «الفنان المقيم»، و«البرنامج التعليمي»، و«برنامج الإنتاج» والمعارض والبحوث والإصدارات، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات المتنامية. كما تركّز البرامج العامة والتعليمية للمؤسسة على ترسيخ الدّور الأساسي الذي تلعبه الفنون في حياة المجتمع، وذلك من خلال تعزيز التعليم العام والنهج التفاعلي للفن.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!