Dark Mode
Saturday, 23 August 2025
Logo
The Ongoing Security Crisis Undermines Syria’s Future
أحمد الخالد

أدى سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي إلى تغيير جذري في موازين القوى داخل سوريا وخارجها. وبينما سادت آمال واسعة النطاق في مرحلة جديدة، سرعان ما تبددت تلك الآمال وسط موجة من الاعتقالات والإعدامات والقتل الجماعي. وبينما تبرر السلطات الجديدة هذه الممارسات بأنها وسيلة "لاستعادة الأمن"، يصفها آخرون بجرائم حرب. ونتيجة لذلك، أصبح المشهد السوري محط قلق دولي، وسط مخاوف من انزلاق البلاد نحو مزيد من الفوضى.

حكومة جديدة تسعى للشرعية. 
تُدرك الحكومة السورية الحالية، برئاسة أحمد الشير، حساسية هذه المرحلة وخطورة التحديات الأمنية. وقد كثّفت جهودها الدبلوماسية لحشد الدعم الإقليمي والدولي، حيث استقبلت وفودًا رفيعة المستوى من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا ودول عربية، وناقشت التعاون الاقتصادي وإمكانية رفع العقوبات. وترى دمشق في هذه الخطوات فرصةً لتعزيز شرعيتها الداخلية وكسب اعتراف دولي أوسع.

التعقيدات الاجتماعية والطائفية:  
لا يزال التنوع الديني والعرقي في سوريا يُشكّل تحديًا كبيرًا للسلطات الجديدة. في عهد الأسد، تمتّع العلويون بمكانة مميزة، بينما تمتع الأكراد والدروز باستقلالية محدودة. كانت المعارضة ذات أغلبية سنية، مع أن السنة لم يشاركوا جميعًا في المواجهات ضد النظام. وقد أدت التطورات الأخيرة إلى محاولات لإعادة تعريف دور كل جماعة في المشهد السوري.

الأقليات تحت مرمى النيران:  
استهدفت وحدات أمنية جديدة العلويين، معتبرةً إياهم قاعدة دعم لنظام الأسد السابق، بينما واجهت الطوائف المسيحية هجمات من جماعات جهادية متطرفة. افتقرت هذه الجماعات إلى الدعم الخارجي، مما جعلها أكثر عرضة للاضطهاد.

في المقابل، ردّ الدروز في الجنوب بتماسك أكبر، مدعومين بدعم عسكري وإعلامي من إسرائيل. إلا أن العنف في السويداء كشف عن انتهاكات واسعة النطاق ارتكبتها قوات الأمن، شملت إعدامات ميدانية ومجازر بحق عائلات بأكملها لمجرد انتمائها الطائفي. وتصاعدت التوترات بعد مقتل دروز يحملون جنسيات أجنبية - مثل الأمريكي حسام سريا والفرنسي فراس أبو لطف - مما لفت الانتباه الدولي إلى هذه القضية.

التداعيات الدولية:
هزت أحداث السويداء ثقة الدول الغربية بالحكومة الجديدة. ورغم غضّ بعض العواصم الغربية الطرف عن اضطهاد العلويين والمسيحيين، إلا أن مقتل مواطنين أجانب عقّد الموقف. أعادت الولايات المتحدة وفرنسا، اللتان كانتا تدرسان استثمارات محتملة في سوريا، تقييم مواقفهما، إذ بدا الاستقرار والأمن مستحيلين.

في غضون ذلك، أعربت إسرائيل عن قلقها إزاء الهجوم على الدروز، أقرب حلفائها الإقليميين، لا سيما في ظل وجود جاليات درزية في كل من إسرائيل والولايات المتحدة. وهذا ما جعل أي تقارب دولي مع دمشق مشروطًا بمراقبة دقيقة من تل أبيب.

أزمة شرعية داخلية  
: على الصعيد المحلي، فشلت حكومة أحمد الشير في السيطرة على الفصائل المسلحة أو الحد من فظائع الأجهزة الأمنية. غادر عشرات الآلاف البلاد منذ أوائل عام 2025، بمن فيهم العائدون الذين كانوا يأملون بالتغيير بعد سقوط الأسد. يعكس هذا تراجعًا في الدعم الشعبي، حتى داخل المجتمع السني، الذي يُشكل القاعدة الأوسع للنظام الجديد.

تكشف التطورات الأخيرة أن سوريا لا تزال عالقة في دوامة من العنف والانقسامات، رغم الجهود الدبلوماسية الحثيثة التي تبذلها حكومتها الجديدة. وبينما يطالب الغرب بالاستقرار الأمني ​​قبل الانخراط، تبدو دمشق عاجزة عن تحقيقه، مما يهدد بتحويل البلاد إلى "دولة فاشلة" ويحرمها من أي فرصة لجذب الاستثمارات أو تحقيق الاستقرار الذي هي بأمسّ الحاجة إليه.

أحمد الخالد