الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٩ / ديسمبر / ٢٠٢٥
Logo
  • الإقصاء النسائي في صنع القرار بمدينة الباب وسط حالة من الجدل

الإقصاء النسائي في صنع القرار بمدينة الباب وسط حالة من الجدل
الإقصاء النسائي

رغم توفر عدد كبير من النساء المؤهلات أكاديمياً ومجتمعياً في مدينة الباب الواقعة في ريف حلب الشرقي، إلا أن واقع الإدارة المحلية لا يزال يشهد استبعاداً شبه كامل لدورهن عن مواقع صنع القرار الحيوية، بما في ذلك الهيئات الإدارية وقوى الأمن المحلي. تُعزى هذه الظاهرة إلى آليات اختيار تقليدية وغياب أي لوائح لضمان مشاركة النساء، مما أدى إلى خسارة المجتمع لنصف طاقاته وخلق ثقافة الإقصاء وعدم المساواة.

منذ تحرير مدينة الباب من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي عام 2017 وحتى عام 2024، بلغ عدد الأعضاء الذكور في المجالس المحلية للمنطقة (الباب، بزاعة، قباسين) نحو 70 رجلًا مقابل 10 نساء فقط. وغالباً ما كان التمثيل النسائي شكليًا يفتقر للصلاحيات الفعلية في صنع القرار.

بعد سقوط نظام الأسد، كانت العديد من السيدات السوريات يطمحن إلى الاضطلاع بدور فعال في دوائر الدولة، لكن الواقع جاء معاكسا لذاك الطموح. تؤكد الناشطات في المدينة أن الوجود النسائي في الهياكل الإدارية الرسمية بات معدومًا، حيث تتألف الإدارة المحلية حاليًا من نحو 25 عضوًا جميعهم من الرجال.

يصل التهميش إلى قوى الأمن الداخلي، حيث يقلل عدد النساء في المناصب القيادية من فعالية هذه القوات في مجتمع يمثل عدد سكانه بين 400 إلى 500 ألف نسمة. كذلك، لا يتجاوز عدد الضابطات في الأجهزة الأمنية 5 إلى 6 نساء، بينما يقتصر عدد العناصر النسائية (مفتشات أو مراقبات) على ما بين 50 و90 عنصرًا.

تؤدي هذه الأرقام إلى عواقب وخيمة، منها حرمان نصف المجتمع من المشاركة في صياغة السياسات والخدمات الضرورية، مما يؤثر سلبًا على الفئات الأكثر هشاشة مثل الأطفال والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة. كما أن ضعف الحضور النسائي ينعكس على فعالية المنظومة الأمنية في مواجهة قضايا حساسة، مثل العنف المنزلي.

تشير الناشطات إلى أن العوائق أمام المشاركة النسائية تنقسم إلى جوانب اجتماعية وسياسية، مما يحد من تأثير الكفاءات النسائية. تقول ملك طه، إحدى الناشطات، إن المشاركة النسائية لا تزال محصورة في التعليم والمجالات الصحية والإغاثية. كما أن التمثيل في الكثير من الأحيان يكون شكليًا فقط، حيث تفتقر النساء إلى الصلاحيات الفعلية.

وتشير سناء جاسم، ناشطة مجتمع مدني، إلى أن معظم المناصب النسائية تقتصر على استشارية أو خدمية، بسبب العوائق الاجتماعية والنظرة التقليدية لدور المرأة. مما يبرهن على أن غياب النساء خلق فجوة كبيرة تجعل قضايا النساء غير مطروحة بجدية.

تكتسب مخاوف الناشطات من إقصاء النساء حول مسائل الحياة العامة طابعًا متزايدًا، حيث تجسد كوثر قشقوش آمال النساء بعد الوعود الرسمية بمشاركة المرأة في المرحلة الانتقالية. لكنها تؤكد أن الواقع بعيد عن تلك الآمال، إذ لا يزال النساء ينتظرن تغييرًا حقيقيًا رغم مرور أسابيع على الإعلان عن سقوط الأسد.

تسلط قشقوش الضوء على التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه النساء، خاصة الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن وأزواجهن، واحتجن إلى الدعم في ظل الظروف الصعبة. وتؤكد أن الانهيار في سوق العمل زاد من البطالة بين النساء، مما يجعل فرصهن في المشاركة السياسية والإدارية شبه معدومة.

تكرر قشقوش انتقادها للفجوة بين الأقوال والأفعال، حيث تبقى تصريحات المسؤولين بشأن دعم النساء غير مصحوبة بخطط عملية تضمن مشاركة حقيقية. وتختتم رسالتها بالتأكيد على أن إشراك النساء ليس خيارًا، بل ضرورة لبناء مجتمع مستقر.

تشدد السيدات السوريات على أن استمرار سياسة إقصاء النساء يمثل تحديًا أخلاقيًا وتنمويًا كبيرًا، ويعيد إنتاج معاناة الفئات الأكثر هشاشة. تحقيق الاستقرار وبناء إدارة رشيدة في مدينة الباب يتطلب إصلاحات تضمن مشاركة النساء المؤهلات، فالمستقبل لا يمكن أن يُبنى على رؤية أحادية الجانب.

المصدر: وكالة الصحافة السورية

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!