الوضع المظلم
الأحد ٠٧ / ديسمبر / ٢٠٢٥
Logo
  • عام على سقوط حكم الأسد.. وهل اكتملت فرحة السوريين بالتحرير

عام على سقوط حكم الأسد.. وهل اكتملت فرحة السوريين بالتحرير
عبداللطيف محمدأمين موسى

إن القراءة المنهجية في التحليل الاستراتيجي لسير الأحداث، وجملة المتغيرات الدراماتيكية في المشهد السوري العام من خلال عاماً على سقوط نظام بشار الأسد الطاغية، تجسد الفرحة المنقوصة أو النصر الغير المكتمل لدى السوريين، في ظل عجز السلطة الإنتقالية في دمشق، عن تحقيق أدنى متطلبات  الحوار الوطني والمصالحة الداخلية التي تشكل الركيزة الجوهرية في البنية الحيوية لبناء شكل نظام الحكم في سوريا الجديدة، مع عدم توافر البيئة المناسبة لمشاركة السوريين في حوار وطني حقيقي وشامل، يقود إلى وضع الأسس، ويساعد في ترجمة المعاني في صيغتها الوطنية، وتكوين المبادئ العامة الاساسية في أتفاق السوريين على صيغة شكل الحكم، وإدارة المرحلة الإنتقالية في التمهيد لبناء سوريا تعددية ديمقراطية، يتشارك فيها الجميع السلطة وإدارة الثروات، تكون فيها الديمقراطية والعدالة والمساوة والتشاركية والتعايش السلمي وحماية حقوق الأقليات، والإيمان بحق تقرير المصير وفق المبادئ الفوق الدستورية . إنها جملة من التساؤلات تُراود مخيلة السوريين في الإحساس بفرحة غير منقوصة مبنية على الشعور بالتهميش والاقصاء وغياب مبادى التشاركية، ومحاولات إضفاء الصبغة اللون الواحد في التفرد بالسلطة، مما يعيد إلى أذهان السوريين الأسباب الرئيسية لسقوط حكم الأسد في الإصرار على التهميش والتمسك بنظام حكم مركزي ضيق، وكذلك رفضه الحوار ومشاركة السوريين في نظرة تدل على الاستعلاء والاستمرارية في تجاهل إرادة السوريين، ومصادرة أبسط حقوقهم في التعبير والديمقراطية. إن هذا المشهد يعيد إلى ذاكرة السوريين الخوف من تكريس نهج الشمولية في مصادرة القوانين كافة التي تعزز مفهوم واقع المركزية في الحكم، والإصرار على سياسة الإقصاء في رفض الحوار، والأبتعاد أو التهرب من الاستحقاقات الداخلية على حساب كسب الشرعية الدولية والتأييد الدولي في دعم السلطة المركزية. عامٌ على سقوط الأسد يُلاحظ فيه تجاهل مطالب السوريين في التعددية والديمقراطية لبناء سورية الحديثة، ولم يلمس السوريين من خلاله سوى الشعور بخيبة الأمل وفقدان الثقة،  والتهميش والسير نحو إغراق النظم والعلاقات الاجتماعية في الفوضى، وسط غياب واضح لمفاهيم بناء المجتمع السوري المبني على التنوع الثقافي والديني والعرقي، بل عِمل منظرو السلطة والطبقة المثقفة المحيطة بها على تكريس مفاهيم هدم بنية المجتمع السوري عبر إحداث شرخ في النظم والعلاقات الاجتماعية في تكريس الخطاب الطائفي، والتجييش على وسائل التواصل والمحطات الإعلامية الرسمية في تشويه المعاني الحقيقية لجوهر بنوية بناء شكل نظام الحكم في سورية، وشيطنة مصطلحات و أشكال الحكم عبر الترويج الشبه اليومي لإسقاط اللامركزية والفيدرالية والحكم الذاتي، وتشويه الخصوصية القومية والجغرافية والعرقية على أنها شكل من أشكال الانفصالية،  ومحاولة لإقتطاع جزء من الدولة السورية في محاولة حقيقية للاستهزاء، وعدم احترام ثقافية البنية الفكرية لدى السوريين، والعمل على تقزيم مستوى تفكيرهم. عامٌ على سقوط حكم الأسد وهل تحقق للسوريين ما كانوا يطمحون إليه في الحرية والمساوة والديمقراطية والمشاركة في بناء سوريا تعددية يتشارك فيها الجميع السلطة وإدارة النفوذ والثروات، أم على العكس لم تلمس المكونات والأقليات السورية فيها سوى الإحساس بالتهميش والتجاهل ، والإصرار على نهج الصبغة واللون الواحد والشمولية والاستفراد بالقرار دون مشاركة حقيقية لدور المكونات، والتهرب من الوفاء بتضحيات كافة آطياف الشعب السوري ضد ديكتاتورية الأسد. أن التهميش والاقصاء والإصرار على المركزية في إدارة سوريا على مدى عام من سقوط الأسد تمثل برفض السلطة في دمشق، وتجاهلها مقررات مجلس الأمن الدولي وقرارته ٢٢٥٤ و٢٩٧٧ ودعوات الدول الغربية والمنظمات الدولية،  وهيئات المجتمع المدني في مشاركة حقيقية، و شاملة لكافة السوريين في المرحلة الانتقالية لسوريا الجديدة، وتجلى ذلك في تهرب السلطة الإنتقالية في دمشق من دعوة كافة آطياف الشعب السوري إلى حوار وطني حقيقي يقرر فيه السوريين شكل الحكم في دولتهم الجديدة، والذي لابد أن يشكل المنطلق الحقيقي في عملية إعادة بناء الثقة بين المكونات السورية والسلطة في دمشق، وكذلك رفضها مبادرة الشعب الكُردي بالحوار الممثل بالمطالب التي تمخضت عن مؤتمر نيسان في القامشلي، ودعوة السلطة في دمشق للحوار الوطني، وبل تم الاستعاضة عن حوار وطني شامل وحقيقي بحوار شكلي لا يرتقي إلى أدنى تطلعات السوريين، ولا يتجاوز ساعات محددة اقتصرت فيه الدعوات على شخصيات استخدمت كأدوات وظيفية في تعزيز شكل الحكم الذي تصر عليه السلطة الإنتقالية بصيغتها الحالية في سوريا. عامٌ على سقوط الأسد لم يلمس فيه السوريين تحقيق تطلعاتهم في الديمقراطية، وإثبات حقوقهم في الصيغ والاستحقاقات الدستورية في ظل غياب خارطة طريق واضحة لملامح شكل الحكم في سورية الجديدة، بل شعر السوريين بالإقصاء وخيبة الأمل عبر التهميش ونسف كل أشكال التشاركية، من خلال عدم الاعتراف بخصوصية المكونات في الإعلان الدستوري الذي وضعته السلطة الإنتقالية في دمشق، الأمر الذي زاد من فوهة اتساع عدم الثقة بين المكونات والسلطة في دمشق، عبر الأنكار الحقيقي لحقوق المكونات السورية وما تعرضت له من التغير على الهوية القومية والوطنية والتغير الديمغرافي ومصادرة كافة حقوقها، ولاسيما ابشع حالات التميز العنصري التي مورست بحق المكون الكُردي في ظل حكم البعث وسياسته القمعية تجاه المكونات. عامٌ على سقوط نظام الأسد ولم يلمس السوريين فيه مشاركة حقيقية في إدارة سوريا وسط غياب كامل للمكونات السورية عن كافة مفاصل السلطة التنفيذية في مؤسسات الحكم، والتي اقتصرت على السلطة الضيقة ذات اللون والصبغة الواحدة متمثلة في الحكومة التي أعلنت عنها السلطة في دمشق، بل استعاضت ببعض الشخصيات كأدوات وظيفية للإستثمار الداخلي. عامٌ على سقوط نظام الأسد، ولم يلمس السوريين فيها المبادئ الاساسية للعدالة الإنتقالية، وعدم تعويض عائلات الضحايا من قمع الأسد، وضحاية مجازر الساحل والسويداء في عدم  تقديم منتهكي المجازر، والمسؤولين عنها للعدالة العلنية أمام السوريين وتطبيق شعار المحاسبة للجميع والقانون فوق الجميع. عامٌ على سقوط الأسد،  ولم يلمس فيه السوريين المشاركة الحقيقة في التعبير على وجبهم الوطني في الدفاع عن سوريا في المؤسسة العسكرية التي تقتصر بدورها اقتصرت على بعض الفصائل التي دمجت  بهيكلية موحدة وكتلة واحدة في وزارة الدفاع والداخلية، التي إلى الآن تخلو من عقيدة نضالية واضحة، في أستلام بعض قادة الفصائل الأجنبية والمتشددة مناصب علية في قيادة المؤسسة العسكرية، ومتورطون بعقوبات دولية بتهم في قتل السوريين على تصنيف العقوبات الدولية، وسط عجز هذا المؤسسة العسكرية عن رد انتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية. عامٌ على سقوط الأسد، ولم يلمس فيه السوريين سوى انتخابات لمجلس الشعب لم ترقى إلى أدنى مستوى يناسب تطلعاتهم في انتخاب مؤسسة تشريعية تتمخض عن انتخابات يمارس فيها كل السوريين واجبهم في انتخاب طبقة تمثل مطالبهم في وضع قوانين تعزز الشعور بالإنتماء إلى الأرض والتاريخ واللغة والتراث السوري، والتمكين الحقيقي لثن قوانين وتشريعات تعيد الإعتراف الرسمي بالدور التاريخي للمكونات في الاستحقاقات الدستورية، بل على العكس تمامآ قامت السلطة الإنتقالية في سوريا بتعزيز عدم الثقة بينها وبين المكونات السورية عبر طريقة تشكيل مجلس الشعب والخوف لدى المكونات من هيمنة الرئيس على الاستحواذ السلطات كافة عبر حق التعين ثلث أعضاء مجلس الشعب لنفسه. عامٌ على سقوط الأسد  ولم يلمس فيه السوريين الإنجازات الحقيقية التي يروج لها منظري السلطة الإنتقالية في دمشق من تحقيق انتصارات دبلوماسية، ومدى الأنفتاح الدولي على سوريا في التباهي بالدبلوماسية متناسين دور السعودية في دفع ترامب لإعطاء فرصة أخرى لدمشق لتحقيق مصالحة وطنية ومشاركة شاملة حقيقية للسوريين في إعادة بناء سوريا، وهذا الانفتاح الدولي على سوريا الذي يراه السوريين في سعي السلطة نحو كسب الشرعية التأييد الدولي للسلطة على حساب الشرعية الداخلية والمصالحة الداخلية الغائبة. في المحصلة، يمكن القول بأن عاماً على سقوط حكم الأسد،  ولكن فرحة السوريين غير مكتملة في بناء سوريا ديمقراطية تعددية يتشارك فيها الجميع السلطة وإدارة الموارد، وغياب لكافة المبادئ الاساسية في تحقيق العدالة الإنتقالية، وغياب حوار وطني حقيقي شامل يناقش فيه السوريين شكل نظام الحكم في سوريا الجديدة دون الرضوخ إلى الهيمنة الإقليمية في مصادرة القرار السوري في جعل الجغرافية السورية منطقة نفوذ لتصفية مصالحها. هذا الحوار الوطني الذي يُعد من المبادئ الاساسية في بناء سورية الحديثة الديمقراطية التعددية التي تضمن العدالة الإنتقالية وترسيخ الديمقراطية والمساوة والمواطنة بالحقوق والواجبات.

ليفانت: عبداللطيف محمدأمين موسى 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!