-
احتجاجات غير مسبوقة ضد حماس في غزة.. مطالبين برحيلها وإنهاء الحرب
-
تمثل المظاهرات العفوية التي تطالب حماس بالرحيل أول تحد شعبي حقيقي للحركة منذ سيطرتها على القطاع، وتضعها أمام اختبار صعب للتعامل مع المعارضة بعد سنوات من قمعها

تواصلت، أمس الأربعاء، الاحتجاجات المناوئة لحركة حماس والمطالبة بإيقاف الحرب في قطاع غزة، في مشهد غير مألوف يعكس تحولاً جذرياً في موقف الشارع الغزي بعد أكثر من سبعة أشهر من الدمار والمعاناة.
وأوضح شهود عيان أن متظاهرين في مناطق متعددة بالقطاع رددوا لليوم الثاني على التوالي، هتافات تدعو حركة حماس للتخلي عن إدارة قطاع غزة، ورفعوا شعارات معادية للحركة، عقب أكثر من أسبوع من استئناف الطيران الإسرائيلي غاراته الجوية.
واحتشد مئات الفلسطينيين في مسيرة بمدينة غزة، بينما تجمع مئات آخرون في احتجاج مماثل في بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، ورفع المحتجون يافطات كُتب على بعضها "حماس لا تمثلنا" وعلى أخرى "دماء أطفالنا ليست رخيصة"، في تعبير صريح عن سخطهم المتزايد.
وحثت عشائر حي الشجاعية في قطاع غزة على وقفة احتجاجية ضد حركة حماس، ظهر يوم أمس الأربعاء، مؤكدين أن الصمت لم يعد خياراً متاحاً أمام المعاناة المستمرة.
واتهم البيان الصادر من العشائر قيادات حماس بتجاهل معاناتهم والمتاجرة بأبناء القطاع، مشدداً على أن قطاع غزة ليس حكراً على فصيل أو جماعة بعينها، في إشارة واضحة إلى رفض استمرار سيطرة الحركة على القطاع.
وانطلقت مظاهرات ليلية، مساء الثلاثاء، في خان يونس جنوبي قطاع غزة، حيث صدح المتظاهرون بهتافات تطالب بوقف الحرب وإبعاد حماس عن إدارة القطاع، في ظاهرة غير مسبوقة تحت حكم الحركة.
وفي ظاهرة نادرة الحدوث في قطاع غزة، خرج آلاف الفلسطينيين في تظاهرات احتجاجية في شوارع بلدة بيت لاهيا وجباليا شمال القطاع، يوم الثلاثاء، منادين بوقف الحرب التي أنهكت المدنيين وأثقلت كاهلهم بالفواجع والخراب.
وعرضت منشورات على منصات التواصل الاجتماعي احتجاج مئات الفلسطينيين في شمال قطاع غزة للمطالبة بإنهاء الحرب مرددين هتافات "حماس برة برة" في تعبير استثنائي للمعارضة ضد الجماعة المسلحة.
وتعتبر مناطق شمال غزة من أشد المناطق التي تعرضت للتدمير خلال النزاع الذي اشتعل إثر هجوم قادته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر عام 2023، إذ تحولت غالبية المباني في هذه المنطقة المزدحمة بالسكان إلى أنقاض، ونزح العديد من السكان مرات عديدة هرباً من المواجهات.
وأظهر أحد المقاطع المنتشرة على موقع "إكس" متظاهرين يهتفون: "بره بره بره، حماس تطلع بره"، ويبدو أن الفيديو سُجل في منطقة بيت لاهيا بغزة، أول أمس الثلاثاء، وظهر في المنشور أشخاص يتنقلون في شارع بين مبان مهدمة من جراء الحرب.
وفي منشورات أخرى، خُط على إحدى اللافتات التي حملها المتظاهرون: "أوقفوا الحرب"، "يكفي نزوح"، تعبيراً عن رفضهم استمرار معاناتهم.
وما يثير الانتباه في هذه المسيرات التي بدت عفوية، أنها لم تقتصر على الدعوة لإنهاء القتال، بل حملت استياءً متنامياً تجاه حركة حماس التي يحمّلها كثيرون مسؤولية الوضع المأساوي الذي يعيشونه.
وبين الهتافات المنادية بالحرية والسلام، حمل المتظاهرون شعارات تستنكر استمرار القتال وتطالب برحيل القيادات التي لم تجلب سوى المزيد من الخراب، "نريد أن نعيش"، "كفى دماراً"، و"يا حماس برة برة"، كانت بعض الشعارات التي ترددت في أرجاء البلدة، في تعبير عن غضب متصاعد تجاه الحركة المسيطرة على غزة منذ عام 2007.
ويصرح محمد الكيلاني، معلم لغة عربية وأب لطفلين، فقد وظيفته بعد أن دُمّرت المدرسة التي كان يعمل بها في غارة جوية: "إحنا مش أرقام في نشرات الأخبار، إحنا ناس لها بيوت وعائلات وأحلام. تعبنا من الحروب اللي كل مرة بتسرق منا حياتنا".
ويتزايد إحساس المواطنين في غزة بأنهم محاصرون في نزاع لا يخدم سوى المصالح السياسية، بينما هم يتحملون الثمن الأفدح.
وأبو خالد أبو رياش، صاحب متجر في الخمسين من عمره، خسر كل شيء بعد أن دُمّر محله في القصف، ليجد نفسه مع عائلته بلا مأوى ولا مصدر رزق.
ويعلق بمرارة: "رزقي راح، بيتي تدمر، ولادي اتشردوا، ولسا بيحكوا لنا اصبروا. حماس بتطالبنا نصبر، بس هم عايشين بأمان وولادهم مش تحت القصف"، مما يعكس الفجوة المتسعة بين معاناة الناس وخطاب قيادة الحركة.
وعادةً ما تكون المظاهرات في غزة مدفوعة بنداءات من التنظيمات الفلسطينية، لكن هذه المرة انبثقت من عمق الشارع، بلا توجيه أو قيادة ظاهرة، في مؤشر على التغير الذي يشهده المزاج الشعبي تجاه حماس وإدارتها للقطاع.
ويرى مراقبون أن هذه الاحتجاجات قد تشكل تحدياً غير مسبوق للحركة التي اعتادت على إسكات أي صوت معارض، وأفاد خبراء ومحللون فلسطينيون أن على حركة حماس الالتفات إلى هذا الغضب الشعبي المتنامي، منبهين إلى أن تجاهل أصوات السكان الذين لم يعودوا قادرين على تحمل المزيد سيضع الأوضاع خلال الفترة القادمة في نفق مظلم.
وعاد مئات الآلاف من السكان، الذين نزحوا إلى جنوب غزة في وقت سابق من الحرب، إلى منازلهم المهدمة في الشمال عندما دخلت الهدنة حيز التنفيذ في يناير، وأودت الحرب بحياة أكثر من 50 ألف فلسطيني حتى الآن وفق الإحصاءات الرسمية.
وانتهت الهدنة، التي استمرت شهرين، بعد أن استأنفت إسرائيل هجماتها في 18 مارس، وأصدرت تعليمات للسكان بالإخلاء، وسلمت حماس خلال وقف إطلاق النار رهائن آخرين من نحو 250 أسيراً اقتادتهم إلى القطاع خلال هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر عام 2023، والذي نتج عنه أيضاً مقتل أكثر من 1200 شخص في إسرائيل وفق إحصاءاتها الرسمية.
وأعلن مسؤولو الصحة الفلسطينيون أن قرابة 700 شخص، معظمهم من النساء والأطفال، لقوا حتفهم منذ أن استأنفت إسرائيل غاراتها على غزة بهدف تفكيك حماس نهائياً كما تصرح.
واستولت حماس على غزة في عام 2007 بعد انتخابات هزمت فيها حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بزعامة الرئيس محمود عباس، وتهيمن على القطاع منذ ذلك الحين ولا فسحة تُذكر فيه للمعارضة، ويتوخى بعض الفلسطينيين الحذر من التحدث علناً ضد الحركة خشية الانتقام، غير أن الأوضاع المأساوية الحالية دفعت كثيرين للتعبير عن رفضهم استمرار الوضع القائم.
ليفانت-وكالات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!