الوضع المظلم
الجمعة ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٥
Logo
الروح النسوية واغتيال الهوية الإيرانية
إبراهيم جلال فضلون

الروح النسوية واغتيال الهوية الإيرانية

الكاتب: إبراهيم جلال فضلون

"المرأة كالشمس، إذا غطتها، أضاءت أكثر" – مثل شعبي عربي قديم يعكس جوهر الروح الإنسانية التي لا تقبل القيود، ويجسد اليوم صمود المرأة الإيرانية في مواجهة الحجاب الإجباري، تلك الرموز التي اعترفت بأداة قمع الشعلة المقاومة. لتأتي تحولات تدريجية في أنماطها السياسية والفكرية والاجتماعية، في قلب الثورة الإسلامية عام 1979، بفرض النظام مبدأ الحجاب كقانون، وتحويله إلى رمز للممارسة على الجسد والروح. ثم جاء الشاه رضا بهلوى الذى حلم طويلاً بأن تكون إيران جزءا من أوربا في كل التفاصيل وفى سياق تحقيق حلمه أقر قانون "كشف الحجاب" الذي يمنع النساء من ارتدائه؛ ليتحول غطاء رأس المرأة لأكثر القضايا الجدلية بعد أربعة عقود، ليُصبح نُقطة اختبار لانتفاضة نسائية غير شاملة، حيث تختبر النساء اختلافات قوانين الهمجية، سائرين في الشوارع بلا حجاب، وأخريات يقدن الدراجات النارية، كما بدأت تنتشر المقاهى وحفلات السهر الموسيقية، رغم الغرامات وكاميرات المراقبة، ما دفع كثيرون للتساؤل عما يحدث في إيران؟!. وهذا صحيح ليس مجرد فعل فردي، بل حركة جماعية أخافت السياسيين وجبرتهم على خفض نبرتهم، كما أشاروا إلى "نجاد" في مقابلتها، مُحاولين تقليص نظام الوقوف بشكل غير مسؤول في الشرعية، فلم يعد في إيران قانون يجبر المرأة على ارتداء الحجاب، بعد أن رفض الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في مارس الماضي تنفيذ قانون العفاف والحجاب الذي أقره البرلمان،  وقد أحالت الحكومة في ديسمبر الماضي، مشروع القانون إلى المجلس الأعلى للأمن القومي لوقف تنفيذه، بسبب تداعياته على الأمن الإيراني، بعد جدل واسع وانقسام بين السياسيين ورجال الدين والمجتمع المدني.

يمثل الحجاب الإجباري أكثر من مجرد غطاء للرأس؛ إنها ركيزة أيديولوجية للجمهورية الإسلامية، التي اندمجت فيها الدين بالدولة، مما يجعل أي تحدي له مخفياً تماماً برمته. فبعد مقتل "مهسا أميني" في سبتمبر 2022 على يد شرطة الأخلاق، انفجرت موجة سريعة مفاجئة، جزء من الزمن إلى ما قبل "مهسا". لتنقلب الشوارع إلى مناطق الترفيه، تحت شعار "المرأة، الحياة، الحرية". هذه الرمزية ليست مجرد تعبير عن الرفض، بل دليل على تغير الخطاب العام في المجتمع، حيث أصبحت تلك المفاهيم جزءً من الحوار اليومي، مما يعكس بشكل واضح الهوة بين الشعب والحكومة.

شعوبنا بين شعارات الأنظمة الإستعمارية والأنظمة الوكيلة

وقد صعدت هذه الفئة من المجتمع إلى السطح بعدما كانت مهمشة قبل الثورة من قبل القوى العلمانية، لتتصدر عدد من السيدات هذا المشهد الديني على مكانة دينية من خلال صلتهن الأسرية برجال دين بارزين كبنات الرئيس طالقاني ورفسنجانيومنهُن (مريم بهروزي، سهيلة جليودارزاده، معصومة ابتكار، شاهين دوخت مولافردي أو مولاوردي، زهراء شوجاعي). وهُنا في هذا السياق، يمكننا أن نمارس صورة المرأة التي تتعدد في العلاقات، للموافقة على الفكرة والانحراف عن الوطنية. فكما تتلاعب المرأة اللعوب بالعلاقات، وتحويل الخيانة إلى أداة للسيطرة والمتعة، تتحدى نساء إيران قوانين القمعية، محولات الحجاب من رمز للطاعة إلى أداة للمقاومة الزائفة للدين، في– رمز الموت الأيديولوجي – بجرعات من الحياة الحرة، كما وصفها كتاب البرز غاندهاري من تأليف سامانه أُولادي Oladi, Samaneh الأستاذة المساعدة للدراسات الدينية في جامعة فيرجينيا، ومن وجهة نظر إسلاموية نسوية، لم تضع الكاتبة لم تضع إيران في العنوان بأي شكل، بل ولا الدين أيضا، وهو ما أراه في نظري حذفا قد يكون مقصودا لتعميم المفهوم ولينسحب إلى بقية المجتمعات والأديان أو غير مقصود. وهذا ما يطلق على ما يمثله هذا التيار، صاحب كتاب كومونولث بالولايات المتحدة الأمريكية، بعنوان «نساء، إيمان وأسرة: استعادة العدالة الجنسانية من خلال النضال الديني ونشرته مطبعة جامعة كاليفورنيا عام 2024.

هذا الشكل يُبرز كيف يمكن الانحراف عن التعليمات أن يكون علاجاً للقمع، حيث تكسر النساء حاجز الخوف، مستخدمات جسدهن كسلاح ضد الملائكية الدينية، كحباري الطب النفسي في مواجهة الموت، خوفاً منه أكثر من الحساب. . لكننا كان الرئيس مسعود بزشكيان، الوحيد الذي دعا إلى حل قضية الحجاب بالحوار لا بالقوة، ومحمد رضا باهنر الذي شدد على عدم قابلية القانون للتنفيذ، فإن هذه التصريحات تبدو كمسرحية سياسية لتهدئة الغضب. كما حدث في ولايات نوفمبر 2019 و2022. وقمع السلطات الذي أدى إلى انقسام عميق، حيث فقد النظام قاعدته الاجتماعية، فظهر نموذجان: (مدني في المدارس والجامعات، حيث يرفض الفتيات فقرهن، محولات التحدي إلى ثقافة يومية).. وظل تحتها، مدعوماً بتغييرات اجتماعية جذرية، حيث أصبحت مفاهيم الحرية والعدالة جزءً من الوعي الجماعي. وهو ما يعكس عكساً من ثنائي الثيوقراطية الثيوقراطية إلى ثنائي الثيوقراطية والأستراتوقراطية، حيث تمكن الحرس الثوري من النمو الاقتصادي، مما أدى إلى إنتاج الاستبداد. لكن شجاعة النساء كانت لافتة للنظر عن النظام، التي تتغلب على عزلة داخلية وأزمات داخلية، مما يجعل الانتفاضة رمزاً للأمل في تغيير حقيقي.

في الظلام، يختفي تحدي النظام الإيراني بقوة في تلك الروح النسوية، حيث تتحول القوة إلى مقاومة، والخوف إلى شجاعة. كما يقول المثل العربي: "الصبر مفتاح الفرج"، فإن صبر النساء سيفتح أبواب الحرية، مُحولاً شبحاً إلى فجر جديد لإيران وعيونا، تزددن تحديا لقوانين المرشد.

ليفانت – نيوز

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!