الوضع المظلم
الخميس ٢٣ / أكتوبر / ٢٠٢٥
Logo
  • تقارب عالمي في مواجهة حبل المشنقة في إيران..

  • صيحات الانهيار بدأت من "تشرتش هاوس" في لندن إلى شوارع إيران
تقارب عالمي في مواجهة حبل المشنقة في إيران..
عبدالرزاق الزرزور

في منتصف أكتوبر 2025 كشف حدثان ظاهريان منفصلان لكنهما في الحقيقة متكاملان عن صورة واضحة للأزمة السياسية والاجتماعية في إيران.. الأول مؤتمر عُقد في قاعة "تشرتش هاوس" التاريخية في لندن (11 أكتوبر 2025 ) والذي جمع أصوات الضمير العالمي لإدانة موجة الإعدامات في إيران، والثاني موجات الفقر والتضخم المتفاقمة داخل البلاد، والتي أجبرت حتى نواب برلمان النظام على الصراخ احتجاجًا.. هذان المساران يكشفان عن نظام أضعف في الداخل، وفقد ثقة المجتمع الإيراني والمجتمع الدولي بسبب سياساته القمعية والاقتصادية.

في مؤتمر لندن شاركت مريم رجوي رمز المعارضة المنظمة ورئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عبر الإنترنت إلى جانب عدد من النواب والسيناتورات والوزراء السابقين والحقوقيين ونشطاء حقوق الإنسان من أوروبا وأمريكا، وقد كان المحور المشترك للمتحدثين إدانة موجة الإعدامات والمطالبة بإنهاء إفلات مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية من العقاب، وكشف السيناتور الإيرلندي جيرارد كراول عن إعدام أكثر من 1850 شخصًا خلال 14 شهرًا بينهم 61 امرأة واصفًا هذه الإعدامات بـ"القتل العمد لإسكات صوت الحرية"، والأرقام الصادمة التي طُرحت في المؤتمر حملت رسالة مفادها أن الإعدام أصبح أداة النظام من أجل البقاء.

انتقد ممثلو الدول الغربية سياسة التهدئة، وطالبوا بإجراءات أكثر فعالية منها إحالة ملف انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة إلى مجلس الأمن، وفرض عقوبات تستهدف منفذي الإعدامات، وإدراج ما يسمى بـ الحرس الثوري في قوائم المنظمات الإرهابية، وأكد النائب البريطاني بوب بلاكمان أن السكوت على هذه الإعدامات يعادل التواطؤ مع الظالم مشددًا على ضرورة متابعة ملف "الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان" دوليًا.

أما في الداخل فقد تفاقمت الأزمة المعيشية إلى حد دفع نواب البرلمان إلى الاحتجاج علنًا، وتشير التقارير إلى أن سعر الدولار اقترب من 116 ألف تومان مصحوبًا بموجة تضخم وجوع وانخفاض في القدرة الشرائية، وقد تحدثت الصحف الحكومية وخطابات النواب (في جلسات 7 و13 أكتوبر) عن ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، وتقلص موائد الناس، وعجز الدخل عن تغطية تكاليف الاحتياجات اليومية، والأرقام المعلنة مثل الحد الأدنى للأجور البالغ 10 ملايين و390 ألف تومان لعام 1404، وارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية بنسبة 55%  تُظهر أن الضغط الاقتصادي يتحول سريعًا إلى أزمة اجتماعية؛ هاتان الجبهتان "القمع السياسي عبر الإعدامات والانهيار الاقتصادي" قد شكّلا حلقة ضيقة حول المجتمع، ويشير ممثلو المجلس الوطني للمقاومة والناشطون داخل إيران إلى أن أعمدة بقاء النظام الثلاثة هي: الإعدام والإرهاب الداخلي، تصدير التطرف والإرهاب الإقليمي، والتشهير بالمعارضة، ويرى المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أن الحل الوحيد يكمن في الاعتراف بحق الشعب الإيراني في المقاومة المنظمة وتغيير النظام بأيدي المواطنين، وكان هذا المطلب محورًا رئيسيًا في مؤتمر لندن.

في الوقت نفسه أبدت أجزاء من الحركة الاحتجاجية الداخلية التي أُشير إليها في النصوص الداعمة بـ"شرارة الانتفاضة" ردود فعل أكثر حدة ضد الإعدامات، ونفذت عمليات وُصفت بأنها ناجمة عن سخط عظيم، ودلالة على حالة اليأس المتعاظم في المجتمع، وردُ فعلٍ على العنف الحكومي، وتشير تقارير من داخل إيران إلى أعمال استهدفت مؤسسات قضائية وأمنية في عدة مدن.. لكن يجب عدم إغفال التداعيات الإنسانية والأخلاقية لهذه الردود؛ فقد يؤدي تصعيد العنف إلى زيادة الخسائر البشرية والقمع، ويعرض حياة المدنيين للخطر.. لذا يبدو من الضروري إعادة تقييم الاستراتيجيات والتركيز على حلول تستند إلى القانون الدولي ودعم حقوق الإنسان.

باختصار.. يُرسل مؤتمر لندن والتحركات الاقتصادية والاجتماعية داخل إيران رسالة واضحة مفادها أن أزمة إيران لم تعد مجرد مشكلة أمنية داخلية بل تحولت إلى قضية أخلاقية وحقوقية عالمية.. والحلول المطروحة من الضغوط الدبلوماسية والقانونية الدولية إلى دعم المعيشة والسياسة للشعب الإيراني، يجب أن تستهدف إنهاء الإعدامات، وإلغاء حصانة المسؤولين، وخلق فضاء لاختيارات شعبية وقانونية.

اليوم العالم أمام خيارين: إما الوقوف مع العدالة وحقوق الإنسان، أو التواطؤ بالفعل والصمت الذي يُسهِم في استمرار الجرائم.
عبدالرزاق الزرزور - محامي وناشط سياسي سوري

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!