الوضع المظلم
الإثنين ١٤ / يوليو / ٢٠٢٥
Logo
حزب سخيف بين الحمار والفيل
إبراهيم جلال فضلون

لقد طن الشجب والتوتر بين "الحمار للحزب الديمقراطي والفيل للحزب الجمهوري " اللذين يحكمان الولايات المتحدة منذ عقود، ليقطع طريقهما تأسيس حزب ثالث لإيلون ماسك خط النصر الأول لترامب في الانتخابات الأخيرة، وصفهُ الشعبوي ترامب بأمر سخيف.. بينما التصق الحزبان الأولين بهذين الرمزين في القرن 19، بارزين في قلب ساحة السياسية الأمريكية، كعلامات فارقة تعكس هوية الحزبين ومواقفهما.


لقد اعتاد الرئيس الأمريكي الهجوم أولا دون معرفة العواقب التالية، حيث دللت المواقف السياسية الأخيرة له ولقراراته الغير جديرة بالاحترام دولياً أن تكون متناقضة وجوفاء، ليُعلن معارضته للحرية الأمريكية المصطنعة: "لقد كان النظام دائما قائما على حزبين، وأعتقد أن تأسيس حزب ثالث يزيد فقط من الارتباك"، ولاحظوا أن الكلمة الأخيرة هي سيدة المشهد الأمريكي لاسيما بعد مجيء إدارة ترمب لسكن البيت الأبيض الذي حول قراراته المُشخصنة لحرب أهلكت ودمرت المجتمع الأمريكي، ومنتقداً ماسك:  قائلا "يمكنه أن يتسلى بذلك قدر ما يشاء، لكنني أعتقد أن هذا أمر سخيف".


والأعجب هنا تاريخياً أن هذه الرموز ليست مجرد شعارات بل تحمل في طياتها تاريخاً عريقاً وقصصاً لها أبعاد ومعانٍ. حيث أصبحت هذه الحيوانات مرآة تعكس القيم والسياسات والأهداف التي يسعى كل حزب لتحقيقها، ليأتي للعلن حزب ماسك الثالث بعد صفعة سياسية مدوية بخسارة مرشحه، براد شيميل، أمام القاضية سوزان كروفورد في السباق نحو مقعد المحكمة العليا في ولاية ويسكونسن. وهو ما عزز أجندة ترامب- وأبرزت تساؤلات بشأن جدوى تسخير ثروته في دعم حظوظ الحزب الجمهوري في أي انتخابات مستقبلية.. كان يدعمه ماسك بأكثر من 290 مليون دولار في حملة الجمهوري الرئاسية السابقة، وقاد "لجنة الكفاءة الحكومية" لخفض الإنفاق الفدرالي، وكان ضيفا دائما على المكتب البيضاوي، مغادراً بعد صدام علني "لجنة الكفاءة الحكومية" في مايو الماضي للتركيز على إدارة شركاته، ليتجدد الصدام


بين الرجلين اللذين كانا حليفين بشأن مشروع قانون الميزانية الذي اقترحه الرئيس على الكونغرس وأقره الأخير.. ليأتي التنفيذ في اليوم التالي للتوقيع على "قانون دونالد ترامب الكبير والجميل"، بإعلانه عن تأسيس "حزب أميركا"، لكن فشل ماسك في ويسكونسن يعكس تراجع تأثير ترامب على الناخبين ويهدد حظوظ الجمهوريين في الانتخابات النصفية القادمة، ويعطي مؤشرا على تراجع تأثير التحالف بين المال والسياسة في كسب ثقة الناخب الأميركي.. الذي نزل بجميع الولايات الخمسين لاحقا، معلناً الاحتجاج الكبير تحت شعار "ارفعوا أيديكم" شاركت فيها منظمات حقوقية ونقابات عمالية ومقاتلون قدامى، مستنكرين سياسات ترامب وممارسات ماسك، التي مست الاقتصاد، والهجرة وحقوق الإنسان.


وأخيراً: قال "الصديق الأول" السابق لترامب على منصته إكس (تويتر سابقا) التي يملكها: "عندما يتعلق الأمر بإفلاس بلدنا بالإسراف والفساد، فإننا نعيش في نظام الحزب الواحد، وليس في ديمقراطية، اليوم، تأسس حزب أمريكا ليعيد لكم حريتكم".. فهل يا تري سنرى وجهاً أخر لم نراه لإيلون ماسك؟ أم أننا سنرى دماء الأمريكيين في حرب أهلية جديدة على يد عنجهية الفتوة ترمب والأبله نتينياهو، فمن الأخطر ترامب أم ماسك؟. 

ا. د. إبراهيم جلال فضلون
 


 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!