-
مئات الآلاف.. أوضاع معيشية صعبة تواجه المفصولين من وظائفهم بـ"سوريا"
-
تشير إجراءات إعادة الهيكلة الإدارية إلى ضرورة تبني نظام يضمن توزيع الثروات بعدالة ويمنع احتكار السلطة والموارد في يد فئة محدودة من المستفيدين

تستمر الظروف الاقتصادية والمعيشية المتدهورة في سوريا عقب سنوات من النزاع، والعقوبات الغربية المفروضة خلال فترة الرئيس السوري السابق بشار الأسد، حيث يكابد العديد من السوريين أوضاعاً حياتية شاقة، خصوصاً مع تباين المعلومات حول حجم المسرحين من مناصبهم بعد التغيير السياسي في البلاد.
وتتجلى انعكاسات هذا الوضع بشكل مؤلم على العائلات التي خسرت مصدر عيشها، حيث يعاني الكثيرون من فقدان مصدر دخلهم الوحيد عقب تسريح الآلاف من وظائفهم في مؤسسات الدولة الخدمية والعسكرية والأمنية والتعليمية وغيرها من القطاعات، ما تسبب بمعضلة معيشية وفقاً لما أشار إليه 3 خبراء اقتصاديين لـ "العربية.نت".
وأفاد وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال السورية المؤقتة محمد أبا زيد بأن عدد الموظّفين الذين جرى شطب أسمائهم يناهز 350 ألفاً بعدما تمّ تعيينهم استناداً إلى محسوبيات وفساد النظام السابق.
وبينما يصل عدد الموظفين الفعلي حالياً قرابة 900 ألف، فإن هؤلاء أيضاً لم يتسلموا بعد الزيادة المتوقعة في الرواتب، التي أعلنتها الحكومة في الأيام الأولى من توليها السلطة، وصرحت أنها 400 بالمئة.
وشرح الأكاديمي السوري والخبير الاقتصادي عابد فضيلة أستاذ كلية الاقتصاد بجامعة دمشق لـ "العربية.نت" أن "زيادة الرواتب والأجور بنسبة 400 بالمئة لم تحدث حتى الآن"، مضيفا أن "الواقع الاقتصادي والمالي لا يسمح بهذه الزيادة".
وأوضح كذلك أن "الوضع الاقتصادي ليس جيداً من حيث فرص العمل والمستوى المنخفض جداً للرواتب والأجور".
وأردف أن "الموظفين الذين يُقال إنه تمّ فصلهم ليسوا مفصولين ولا مطرودين، بل في إجازة إجبارية مدفوعة الأجر لمدة 3 أشهر، ريثما يتم دراسة ملف كل واحدٍ منهم على حدة، وهم ممن يشك بالتزامهم بالدوام في وظائفهم من بين الأشخاص الموجودة أسماؤهم على قوائم موظفي القطاع العام، الأمر الذي يعني أنه بالمحصلة، وطالما تم إعطاؤهم فرصة 3 أشهر، سيتم إعادة بعضهم إلى عملهم ممن يثبت أنهم ملتزمون بدوامهم أصولاً، وفصل البعض الآخر".
وطرح خبيران اقتصاديان شكوكاً حول دقة أرقام الموظفين المستبعدين تحت مسمى "إعادة هيكلة" المؤسسات، وصرح أحدهما لـ "العربية.نت": "لقد تمّ فصل كل من كان موظفاً تحت اسم ذوي الشهداء"، وأضاف أن "هؤلاء لا يمكن تحديد أعدادهم"، وتابع أن "هناك مليون شخص أوقفت رواتبهم، ما بين متقاعدين عسكريين سابقين، أو ما بين مسرّحين أيضاً من الخدمة المدنية، وعددهم بحدود 400 ألف شخص".
وطبقاً للمصدر ذاته، "فمن تمّ إخراجهم من وظائفهم هم تقريباً ما بين 250 إلى 300 ألف عسكري أو مدني ضمن وزارتي الدفاع والداخلية بما في ذلك شرطة المرور".
وإضافة إلى المستبعدين من المؤسسات العسكرية والأمنية، يوجد حوالي 400 ألف تم فصلهم من المؤسسات الخدمية المدنية كالقطاع الصحي والصناعي والاقتصادي.
وذكر 3 موظفين جرى استبعادهم من عملهم لـ "العربية.نت": "لم نعرف بعد إذا ما كنّا سنعود إلى أعمالنا، لكننا في الوقت الحالي نعتمد على مساعدات مالية تصل من أقربائنا في الخارج".
وتتكل العديد من الأسر السورية على الأموال التي يرسلها أبناؤها المغتربون في الخارج لتأمين احتياجاتهم.
واستبعد مصدر قريب من الحكومة أن تبادر الأخيرة بصرف الزيادة المقررة 400 بالمئة قريبا، خصوصاً مع استمرار العقوبات الأميركية على البلاد.
وتطبق الولايات المتحدة وأوروبا عقوباتٍ اقتصادية على سوريا فرضت زمن النظام السابق، بينما أرجأ الاتحاد الأوروبي بعضاً منها بشكلٍ جزئي بعد تولي الرئيس السوري الانتقالي المؤقت أحمد الشرع مقاليد الرئاسة، كما قلصت واشنطن بعض تلك العقوبات أيضاً.
تبرز هذه الأزمة الاقتصادية مدى الحاجة إلى تبني نظام فيدرالي لامركزي في سوريا، يضمن توزيع الموارد بشكل عادل بين المناطق، ويمنع تركز السلطة والثروة بيد شخص واحد كما كان الحال في ظل الحكم المركزي السابق الذي أدى إلى الفساد والمحسوبية في التوظيف وإهدار المال العام.
ليفانت-العربية
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!