الوضع المظلم
الخميس ٠٤ / سبتمبر / ٢٠٢٥
Logo
  •  الضربة الحاسمة لحسن نصر الله.. إسرائيل تكشف عن أكبر عملية استخباراتية في تاريخها 

 الضربة الحاسمة لحسن نصر الله.. إسرائيل تكشف عن أكبر عملية استخباراتية في تاريخها 
تشييع حسن نصر الله (أرشيف)

في خطوةٍ ذات أبعاد استراتيجية تتجاوز حدود لبنان، كشفت إسرائيل رسميًا عن تفاصيل عملية استخباراتية تعتبر الأضخم في تاريخ جهاز الموساد، أدت إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في سبتمبر من العام الماضي. جاء الإعلان ليحمل رسائل ردع سياسية وأمنية، ويُعبر عن تحول نوعي في استراتيجيتها تجاه الحزب والمنطقة بشكل عام، وسط أجواء من الجدل الداخلي اللبناني حول ملف حصر السلاح بيد الدولة.

وفي احتفال رسمي، أُعطي الموساد وسام "جائزة الأمن الإسرائيلية" من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، تكريمًا لنجاحاته في تنفيذ عملية معقدة استهدفت نصر الله، ورافق الاحتفال كشف ضابط رفيع أن العملاء الإسرائيليين نفذوا مهمات خطيرة داخل قلب بيروت، تحت نيران مباشرة، لجمع معلومات حاسمة مهدت للضربة القاصمة.

ورغم مرور عام كامل على عملية اغتيال نصر الله، بدت إسرائيل في الإعلان بمثابة من يمنح اعترافًا رسميًا بالنجاح، ورسالة مزدوجة: الأول لتأكيد موقف الردع أمام الداخل الإسرائيلي بعد سنوات من التوتر، والثاني لتكثيف الضغط على حزب الله وبيئته في لبنان. ففي 27 سبتمبر من العام الماضي، نفذت إسرائيل عملية جوية مركزة على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، فوقعت عشر غارات استهدفت قادة بارزين من بينهم نصر الله، بالإضافة إلى علي كركي، قائد الجبهة الجنوبية، والعميد الإيراني عباس نيلو بريشان.

وقد أثارت العملية ردود فعل واسعة، حيث وصفها محللون إسرائيليون بأنها الأخطر منذ حرب تموز 2006، وولّدت أزمة داخلية متصاعدة في لبنان. فحزب الله، الذي رفض بشكل قاطع أي مساعٍ لمحصر السلاح بيد الدولة، اعتبر الخطوة هدية مجانية لإسرائيل، ووجه اتهامات صريحة للسلطة اللبنانية بالتماهي مع الأجندة الصهيونية، معتبرًا أن ذلك يهدد وجود المقاومة. وفي بيانٍ شديد اللهجة، دعت كتلة الحزب النيابية الحكومة إلى مراجعة مواقفها، محذرة من تمرير خطط تقوض المقاومة وتهدد بقاء لبنان كدولة ذات سيادة.

وفي تحليل استراتيجي، أكد الخبير الأمني يعرب صخر أن العملية ليست مجرد صدفة وإنما نتاج سنوات من الاختراقات المتواصلة، بدءًا من اعتقال العميل آيخمان، إلى اغتيال قادة في الداخل والخارج. وبيّن أن ما بعد حرب تموز 2006 شهد تصعيدًا في أنشطة الموساد، خاصة مع بداية تدخلات حزب الله في سوريا، حيث استغل إسرائيل التداخل الميداني لبناء خريطة كاملة للبنية التنظيمية والعائلية للحزب، مما مهد لنجاح العمليات المستقبلية.

واستعانت إسرائيل بالتقنية والخداع لتحقيق أهدافها، إذ أرسلت فرقًا خاصة إلى الداخل اللبناني، واستخدمت أساليب التمويه والإيهام بأن الرد محدود، قبل أن توجه الضربة الكبرى، مستغلة استرخاء الحزب في فترة سفر نتنياهو إلى نيويورك.

أما على الساحة اللبنانية، فشكل اغتيال نصر الله شرارة أزمة داخلية، تفتح الأبواب أمام إعادة هيكلة الدولة بعيدًا عن سيطرة الميليشيات، رغم أن الواقع على الأرض لا يزال يعبر عن سيطرة الحزب على مفاصل حيوية في المؤسسات، مما يزيد من حدة الصراع بين مشروع الدولة ومشروع الميليشيا.

وفي النهاية، تبقى عملية الموساد ورسائلها التي أُطلِقت من خلال تكريم نصر الله، دلالة واضحة على أن إسرائيل تتجه نحو تصعيد قدراتها الاستخبارية، وأن لبنان يقف عند مفترق طرق حاسم: هل سيتمكن من بناء دولة ذات سيادة، أم ستظل الساحة مسرحًا للصراعات الإقليمية والدولية التي حولت بنيته الوطنية إلى ساحة حسابات غير معلنة.

المصدر: سكاي نيوز

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!