-
ردا على "رؤية" معاذ الخطيب ومعالجته للأزمة السورية!

قرأت النقاط التي طرحها الشيخ معاذ الخطيب حول “وحدة سورية” وما ينبغي على السوريين التمسك به، لكن ما كتبه يثير أسئلة جوهرية قبل أن يكون برنامجاً وطنياً.
أولاً: من المؤسف أن من يتحدث عن “الوطن” و”وحدة سورية” يقفز عمداً فوق أحد أعقد وأهم القضايا في سورية: القضية الكردية. وكأن ملايين الكرد في سوريا غير موجودين، أو أنهم مجرد هوامش يمكن حذفها من النص! أليست هذه هي العقلية ذاتها التي مارستها الأنظمة المتعاقبة منذ الاستقلال وحتى اليوم؟
ثانياً: يتحدث الشيخ عن “لا مركزية إدارية”، لكنه لا يجرؤ على الاعتراف بضرورة حل ديمقراطي حقيقي للمسألة القومية، ولا بوجود تعدد إثني وديني وطائفي في سوريا. كيف يمكن بناء دولة عادلة وهو ينطلق من تعريف أحادي ضيق للعروبة والإسلام؟
ثالثاً: لا يختلف خطاب الشيخ – في جوهره – عن خطاب الأنظمة التي حكمتنا: الجميع يوزّع المواعظ عن الوحدة، بينما يقمع التعدد وينكر الآخر. فالدعوة للوحدة بدون اعتراف صريح بحقوق الكرد وغيرهم من المكونات ليست سوى وصفة جديدة للتسلط والاستبداد.
رابعاً: عندما يقول “نرفض حمل أي علم غير سوري”، فهو يعيد إنتاج منطق البعث ذاته: علم واحد، هوية واحدة، حزب واحد. لكن أي وطن هذا الذي يُختزل بعلم فوقي يفرضه طرف واحد، بينما يتجاهل رموز الآخرين وحقوقهم وهويتهم؟
خامساً: نعم، سورية مهددة بالتقسيم والانهيار. لكن السبب ليس “المكونات” ولا “التعدد”، بل إنكار هذه التعددية وفرض وصاية دينية أو قومية عليها. التجاهل الذي مارسه الشيخ في نصه تجاه الكرد هو نفسه ما فعلته الأنظمة: إلغاء الآخر تحت شعار الوحدة.
سادساً: لا مستقبل لسوريا إلا بديمقراطية حقيقية، ودستور جديد يعترف صراحة بالكرد كشعب أصيل وبحقوقهم القومية، إلى جانب باقي المكونات. كل حديث عن وحدة سورية بدون هذا الاعتراف ليس سوى تكرار مأساوي لشعارات البعث.
إن مشروع الشيخ الخطيب لا يختلف عن مشاريع سابقة فشلت لأنها تجاهلت الحقيقة البديهية: سورية ليست ملكاً لطائفة أو قومية أو تيار ديني. سورية بيت للجميع، ولن تستقيم إلا بالاعتراف المتبادل والشراكة المتكافئة، لا بالوصاية ولا بالإنكار.
مقال : معاذ الخطيب ” سوريا في خطر “.. معاذ الخطيب ينشر رؤيته لمعالجة ” الأزمة السورية ” الحالية
د. رضوان باديني
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!