-
أفلحت أوروبا إن صدقت
-
أوروبا تحذر وتلوّح بإعادة فرض العقوبات.. وفي نيويورك، صوت الشعب الإيراني يصدح بضرورة إنهاء نظام الملالي الذي يهدد العالم

في المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ الدول الأوروبية الكبرى تطالب نظام طهران بالتعاون الكامل.. بينما يرفع الإيرانيون في 23 سبتمبر راية التغيير: "يجب عدم السماح لإيران أبدًا بتطوير سلاح نووي".
في المؤتمر العام التاسع والستين للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا واجه نظام ولاية الفقيه موجة جديدة من الضغط الدولي المنسق في الوقت الذي تستعد فيه شوارع نيويورك لاستقبال تظاهرة كبرى للإيرانيين الأحرار يوم 23 سبتمبر.. ليرفعوا صوتهم ضد هذا النظام المارق، ومن جانبها عبرت الدول الأوروبية الكبرى عن قلقها العميق إزاء عدم شفافية برنامج إيران النووي وتصعيده الخطير، وقد طالبت هذه الدول النظام بالتعاون الفوري والكامل مع الوكالة مؤكدة دعمها لتفعيل “آلية الزناد” لإعادة فرض العقوبات الأممية، ومشددة على أنه "يجب عدم السماح لإيران أبدًا بتطوير سلاح نووي".. هذا الضغط المتصاعد المتزامن مع الحراك الشعبي الإيراني يؤكد أن المجتمع الدولي ربما قد استيقظ على حقيقة أن ممارسات وسياسات ووجود نظام الملالي أمراً يهدد الأمن والسلم العالمي، وأما الشعب الإيراني فلن يتراجع عن ثورته ومسعاه باتجاه التغيير الديمقراطي الشعبي تحت راية المقاومة الإيرانية البديل الديمقراطي الوطني الفعلي الذي يؤتمن على مستقبل إيران وكافة مواطنيها.
موقف بلجيكا: لا مساومة على مبادئ الضمانات.. ورسالة نيويورك تتفق
موقف بلجيكا اليوم ليس كمواقف الأمس؛ حيث أصدر وزير الأمن والشؤون الداخلية البلجيكي بياناً أكد فيه على الأهمية القصوى لمنع الانتشار النووي واصفاً وضع برنامج نظام ولاية الفقيه النووي بأنه "مقلق للغاية"، وجاء في البيان: "إن تنفيذ اتفاق الضمانات لا يمكن أن يكون مشروطاً بأي حال من الأحوال، ويجب الحفاظ على هذا المبدأ بأي ثمن، ويجب عدم السماح للنظام الإيراني أبداً بتطوير سلاح نووي".. هذا الموقف البلجيكي الذي يشدد على عدم المساومة يتفق اليوم تماماً مع الرسالة التي سيطلقها الإيرانيون في تظاهرة نيويورك يوم 23 سبتمبر مؤكدين كما أكدوا في بروكسل من قبل على أن النظام الذي لا يلتزم بأبسط القواعد الدولية لا يستحق البقاء، وأنه يجب إنهاء سياسة المساومة والاسترضاء مع نظام الملالي.
موقف النمسا: فجوات تتسع ومخاوف تتعمق.. والعالم يراقب حراك نيويورك
أعربت النمسا عن "أسفها العميق لعدم التزام نظام ولاية الفقيه الكامل بتعهداته في إطار الاتفاق النووي على الرغم من الجهود الدبلوماسية المستمرة".. وأشار البيان النمساوي إلى أن "الفجوات المتعلقة ببرنامج إيران النووي آخذة في الاتساع، وكذلك مخاوفنا بشأن طبيعة البرنامج في غياب الشفافية".. وطالبت النمسا النظام الإيراني بـ "البدء الفوري في التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بما في ذلك جميع مسائل الضمانات المتبقية في موعد أقصاه 27 سبتمبر".. هذه التحذيرات الأوروبية تأتي في ظل متابعة العالم للتحركات الشعبية المناهضة للنظام، ومنها تظاهرة نيويورك التي تعزز المطالب الدولية بضرورة وضع حد لمشروع الملالي النووي الخطير.
موقف فرنسا: تصعيد غير مسبوق وغياب تام للرؤية.. والشعب في تظاهرة نيويورك يطالب بالحل
صرح المندوب الفرنسي بأن أنشطة نظام ولاية الفقيه النووية وصلت إلى "مستويات غير مسبوقة" حيث قامت بتخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد عن 60% وتخزين مواد تزيد 45 مرة عن الحد المسموح به في الاتفاق النووي "دون أي مبرر مدني موثوق".. وأشار إلى أن وصول الوكالة إلى المنشآت النووية الإيرانية "صعب للغاية"، وأن تقارير المدير العام تظهر "غياباً كاملاً للرؤية" حول البرنامج، وأكد أن فرنسا وشركاءها في E3 أبلغوا مجلس الأمن بعدم امتثال إيران، وأن العقوبات التي رُفِعت في عام 2015 ستُفرض مجدداً في نهاية سبتمبر إذا لم تستغل إيران فرصة الـ 30 يوماً للعودة إلى الامتثال.. وهذه المخاوف الدولية يترجمها الشعب الإيراني في تظاهرة نيويورك يوم 23 سبتمبر إلى مطلب واضح: الحل الوحيد هو إسقاط النظام الذي يضع العالم والمنطقة على شفير الهاوية.
موقف ألمانيا: برنامج يفتقر إلى أي هدف مدني مقبول.. وشعب إيران يرفضه
قال المندوب الألماني إن "الجزء الأكبر من برنامج إيران النووي وخاصة إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب غير مسبوق لدولة لا تمتلك برنامج أسلحة نووية".. ووصف البرنامج بأنه "يفتقر إلى أي هدف مدني مقبول" مضيفاً أن هذا هو السبب الذي دفع الدول الأوروبية الثلاث إلى تفعيل "آلية الزناد" قبل أسبوعين، وإن إصرار النظام على هذا المسار النووي يثبت أنه لا يبالي بالتحذيرات الدولية ويؤكد نيته في زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي، وهي النوايا التي يرفضها الشعب الإيراني ويُعبر عن هذا الرفض في كل محفل كما حدث في بروكسل وسيحدث في نيويورك.
موقف إسبانيا: دعم تفعيل آلية الزناد.. والحل في يد الشعب
أعلن المندوب الإسباني أن "الوضع النووي لنظام ولاية الفقيه يمر بلحظة حساسة" مؤكداً دعم بلاده "لقرار تفعيل آلية الزناد في الاتفاق النووي".. ودعت إسبانيا إيران إلى "الوفاء بالتزاماتها القانونية في مجال الضمانات وقبول اقتراح المدير العام للوكالة بالتعاون الجاد والفعال".. وبينما تتخذ الدول الأوروبية خطواتها الدبلوماسية يدرك الشعب الإيراني أن الحل النهائي والفاعل يكمن في إرادته الحرة ومقاومته المنظمة، وهو ما سيجسده المتظاهرون في نيويورك.
موقف المملكة المتحدة: تحدٍ خطير لهيكل منع الانتشار النووي.. والشعب يكسر الحصار
وصف المندوب البريطاني عدم امتثال نظام ولاية الفقيه بأنه "تحدٍ خطير لهيكل منع الانتشار النووي"، وأشار إلى أن "مراقبة الوكالة للبرنامج النووي الإيراني قد وصلت إلى ما يقرب من الصفر" وذلك بالتزامن مع "التصعيد الخطير لأنشطة النظام النووية خاصة إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب الذي لا يوجد له مبرر مدني"، وأوضح أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا قاموا بتفعيل "آلية الزناد" في 28 أغسطس بسبب عدم التزام إيران مؤكداً أن هذا الإجراء "لا يغلق الباب أمام الدبلوماسية" بشرط أن تتخذ إيران خطوات ملموسة لمعالجة المخاوف الدولية.. في المقابل يكسر الشعب الإيراني حصار الصمت في تظاهرة نيويورك مؤكداً أن نظام الملالي الدكتاتوري لا يمثل الشعب الإيراني ويشكل خطراً كبيراً على الإنسانية جمعاء، وأن الخلاص منه هو بداية مخاض السلام.
تضافر الضغط الدولي وصوت الشعب في نيويورك لإنهاء مشروع نظام الملالي النووي
بعد التدقيق فيما سبق؛ تُظهر هذه المواقف الأوروبية الموحدة أن صبر المجتمع الدولي على تصعيد نظام ولاية الفقيه النووي قد نفد، وإن التلويح بإعادة فرض العقوبات الأممية ومطالبة نظام طهران بالتعاون الكامل والشفافية يؤكدان أن الخيار الوحيد أمام النظام هو العودة إلى الامتثال الكامل لالتزاماته الدولية.. وإلا فإنه سيواجه عزلة دولية أشد، ومواجهة أوسع وهو ما سيتلاقى مع الضغوط الداخلية المتزايدة من الشعب الإيراني الذي يرى في هذا النظام خطراً على مستقبله ومستقبل المنطقة، والذي سيعبر عن إرادته الحرة بقوة في تظاهرة نيويورك يوم 23 سبتمبر.
خلاصة القول.. من المؤسف جدا والمضني وغير الشفاف أن نرى هذه السياسة الدولية المُتبعة مع نظام الملالي.. إذ تبدو أوروبا وشركائها على حالها المساوم الذي لن يتغير؛ فأزمات وانتهاكات نظام الملالي لا تقف عند البرنامج النووي فحسب.. فهناك البرامج الصاروخية وانتهاكات حقوق الإنسان وهناك التدخلات الإقليمية في شؤون الدول وهناك دعم التطرف والإرهاب، وهناك شعوب من الضحايا في إيران، وهناك ضحايا في العراق وسوريا ولبنان واليمن يتغافل الغرب عنهم، وهناك ضحايا في فلسطين يغض الغرب بصره عنهم.. القضية ليست قضية برنامج نووي وإنما القضية هي أن تصدق أوروبا وتضع حدا لسياساتها غير الشفافة.. أليس دعم الشعب الإيراني ومقاومته لإسقاط هذا النظام أفضل الحلول وأقصرها بدلا من هذه المناورات...؟ وأفلحت أوروبا إن صدقت.
د. تيسير كريشان - نائب أردني سابق
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!