-
الشعب الإيراني بين مطرقة الاستبداد وسندان المؤامرة الغربية
-
تصور عن المستقبل وخيارات التغيير الممكنة في إيران

فرض الغرب الاستعماري على الشعب الإيراني سلطات دكتاتورية عنصرية مستبدة منذ أكثر من قرن تحت مسمى الشاهنشاهية؛ وبالمقابل فرض الشعب الإيراني على نفسه النضال والكفاح المسلح الذي لا تزال روحه وثقافته قائمة لدى الشعب والمقاومة، وقد جسد جيش التحرير الوطني ذلك التراث النضالي، واليوم تمضي على خطاه وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق.. اليوم يتصاعد الغليان في إيران التي تشهد منذ سنين حالة من الغليان السياسي والاجتماعي، تعكسها الاحتجاجات الشعبية المتكررة، والمطالبات المتزايدة بالتغيير والتي تعبر عن عمق الأزمة بين النظام الحاكم والشعب الإيراني وخاصة فئتي الشباب والنساء في ظل هذه التطورات، وقد بات من الضروري اليوم تصور مستقبل إيران في ضوء المتغيرات الداخلية والدولية، واستكشاف خيارات التغيير الممكنة التي قد تفتح الباب أمام إقامة دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان والجوار في ظل وجود مقاومة منظمة مقتدرة عميقة الجذور وببرنامجها الذي يلبي طموح جميع مكونات الشعب تحت مظلة وطن واحد موحد.
قراءة وتصور
تعاني إيران من مشكلات متعددة أبرزها القمع السياسي، وتقييد الحريات، والفساد، والانهيار الاقتصادي الناجم عن الفساد السياسي والإداري.. والعقوبات الدولية التي لم تؤثر سوى على عامة الشعب؛ كل هذه الأزمات دفعت الشعب الإيراني إلى الخروج مرارًا في احتجاجات سلمية مثلما حدث في انتفاضة 2019 وانتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية" عام 2022، والتي كانت نقطة تحول في وعي المجتمع الإيراني وتطلعاته، وعلى الرغم من القبضة الأمنية القمعية الضارية للنظام فإن الواقع يشير إلى أن استمرار الوضع الراهن لم يعد قابلًا للاستدامة، وأن هناك سيناريوهات عدة لمستقبل إيران بعضها اجترار داخلي اعتاد عليه الملالي في خداع المواطن.. وأبرز تلك السيناريوهات: التحول التدريجي إذ يمكن أن يضطر النظام إلى إدخال إصلاحات محدودة تحت ضغط داخلي وخارجي في إطار ما يسمونه بالتيار الإصلاحي.. وهذه رؤية يباركها الغرب الاستعماري لكن الشعب الإيراني يرفضها وقد رفض الشعب في مظاهراته كلا التيارين المتطرف ووليده الإصلاحي بعد خديعة دامت عقود مُهلِكة، وغالبًا ما ستكون هذه الإصلاحات شكلية وخديعة جديدة إلى جانب سابقاتها، في أن التغيير الجذري يكون عبر ثورة شعبية وهو السيناريو الذي يزداد احتمالًا في ظل استمرار الاحتجاجات وتنامي الوعي السياسي مع وجود بديل سياسي منظم مثل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق، وقد يؤدي الانهيار الداخلي للنظام نتيجة لتصدعات داخل أركانه أو انهيار اقتصادي شامل إلى فراغٍ سياسي يُملأ من قبل قوى مدنية منظمة وهو أمرٌ مستبعد ولن يتماشى معه الشعب نظرا لكون بعض هذه الأطراف صنائع للنظام نفسه.
التدخل الدولي حيث لا يُستبعد أن يكون للمجتمع الدولي دورٌ في دعم عملية الانتقال السياسي، خصوصًا وأن للدول الكبرى سياسة حازمة في دعم خيار التغيير الذي لن يكون ديمقراطيا من خلالهم وخاصة عندما يدعمون بديلا كـ ابن الشاه الطاغية المخلوع الذي لم يخضع أباه ونظامه إلى نوع من المحاكمة لإنصاف مئات الآلاف من الضحايا وذويهم، وبالتالي هم يفرضون بخيارهم هذا شريكاً للسوء وليس بديلاً مرجوا وهنا سيفرض هذا السيناريو عملية بقاء النظام الحالي على الأقل لدى شريحة معينة من شرائح النظام، وسيُمكن النظام من اللعب على عقول الناس من خلال سيناريو التغيير الغربي الذي يريد فرض ابن الشاه سلطاناً وطاغوتا جديداً أقبح من أباه..
أما من ناحية نظام الملالي الدكتاتوري فلن يتمكن من تقديم حلول فعالة مما سيؤدي إلى تزايد الاحتجاجات والاضطرابات على نطاق أوسع، وقد يتطور هذا السيناريو إلى أشكال مختلفة من عصيان مدني شامل إلى مواجهات أكثر عنفاً.. والتغيير الجذري الثوري هو السيناريو الأكثر احتمالاً وليس مستحيلاً وسيفرضه الشعب، ويشمل انهيار النظام الحالي على يد الشعب وقيام نظام جديد، ويمكن أن يحدث هذا نتيجة لانتفاضة شعبية كبرى تُسقِط النظام وتقضي على فلوله وهو أفضل الخيارات.
ثالثًا: دور المقاومة الإيرانية والحل الثالث
في ظل غياب الثقة في إمكانية إصلاح النظام من داخله، تزداد أهمية ما يُعرف بـ"الخيار الثالث"، وهو الطرح الذي قدمته السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية.. يتمثل هذا الخيار في إنهاء سياسة المهادنة والاسترضاء وإنهاء الحروب ودعم التغيير على يد الشعب والمقاومة من أجل إقامة جمهورية ديمقراطية غير نووية تقوم على فصل الدين عن الدولة، والمساواة بين الجنسين، واحترام حقوق الأقليات، وهي مبادئ تحظى بتأييد واسع من كافة مكونات الشعب الإيراني في الداخل والخارج.
خلاصة القول.. لن يُرسم مستقبل إيران بقرارات فوقية أو حلول وسط، بل بإرادة الشعب الذي أثبت مرارًا أنه لا يقبل الذل أو القمع.. ولا شك أن طريق التغيير طريقٌ شاق؛ لكن الإرادة الشعبية المتصاعدة، ووجود بديل ديمقراطي قادر ومنظم يجعل من التغيير الحقيقي في إيران أمرًا ممكنًا وليس مجرد حُلم.
د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!