الوضع المظلم
الأحد ١٤ / سبتمبر / ٢٠٢٥
Logo
حول رؤية العميد مناف طلاس التي طرحها اليوم في باريس
شادي عادل الخش 

في محاضرته بجامعة سيانس بو في باريس، قدّم العميد مناف طلاس ملامح رؤية وطنية لمستقبل سوريا، تستند إلى ضرورة صياغة مشروع وطني جامع يضع أسس الدولة الجديدة بعد عقود من الاستبداد وسنوات من الفوضى والانقسام.

أوضح طلاس أن الثورة السورية انتهت عملياً منذ عام 2012 مع تشكيل المجلس الوطني وارتهانه للمعادلات الدولية، لكن القضية الوطنية لم تنتهِ، بل ما زالت قائمة وتحتاج إلى مشروع جامع يتجاوز الأشخاص والزعامات، ويعيد الاعتبار للشعب باعتباره مصدر الشرعية الوحيد.

وأكد أن سوريا بلد عمره سبعة آلاف عام، أكبر من أي فرد أو سلطة، فلا بشار الأسد بناها ولا أحمد الشرع سيبنيها. المسألة ليست صراعاً على سلطة أو كرسي، بل تأسيس دولة حقيقية بمشاركة وطنية واسعة لا شكلية. ولهذا شدد على أنه لا يحمل أي طموح سياسي شخصي، وأن شرفه الأكبر يكمن في توحيد القوى الوطنية وصيانة وحدة البلاد.

وعن أسباب سقوط النظام، أوضح أن الأسد صمد بفعل توافقات دولية وإقليمية، وأن تركيا لعبت دوراً محورياً في التعجيل بانهياره. أما اليوم، فالتحدي يكمن في كيفية دخول السلطة الجديدة إلى الدولة لا إلى السلطة، بما يجنّب سوريا إعادة إنتاج لون واحد أو حكم استبدادي بواجهة مختلفة.

ورأى طلاس أن البلاد تعيش انهياراً وفوضى تهدد وجودها، وأن الأولوية هي توحيد البندقية تحت راية وطنية واحدة. فالسلاح الذي تشتت بأجندات خارجية يجب أن يتحول إلى جيش وطني علماني، يحمي الدولة والمجتمع معاً. 

وقد كشف أنه على تواصل مع أكثر من عشرة آلاف ضابط وعسكري منشق وسابق، قادرين على تشكيل نواة لمجلس عسكري انتقالي يشرف على حماية المرحلة الانتقالية وتأمين بيئة آمنة للانتخابات.

وربط طلاس مشروعه بالقرار 2254، مؤكداً أن هذا القرار ما زال يشكل خارطة طريق أممية لا تعترضها الفيتوات الكبرى، وأن المجلس العسكري منصوص عليه فيه، ويمكن أن يكون نقطة انطلاق لسوريا الجديدة، إذا توفرت الإرادة الدولية.

وفي البعد الديني والسياسي، شدد على أن الإسلام في سوريا يمكن أن يكون قوة ثقافية وأخلاقية من خلال تياراته الوسطية التاريخية كالأشعرية والتصوف، التي ساهمت في تشكيل هوية البلاد، لكنه رفض الإسلام السياسي الذي يسعى لفرض وصايته على الدولة والمجتمع.

أما في ما يخص شكل الدولة، فرفض مشاريع الفيدرالية، معتبراً أن الخيار الأمثل هو دولة واحدة موحدة بجسم وطني سليم، مع نظام لامركزي متوازن يمنح الإدارات المحلية صلاحيات أوسع ويعيد التوازن بين المركز والأطراف. وأكد أن سوريا بلد لا يُقسّم بل يتسع ليحتضن أبناءه جميعاً.

كما أصر على أن أي مشروع وطني جاد لا يمكن أن ينجح دون عدالة انتقالية حقيقية، تقوم على المحاسبة والقضاء المستقل، لا على لجان شكلية. العدالة بالنسبة له ليست انتقاماً بل ضمانة لإعادة بناء الثقة، والاستفادة من خبرات السوريين في لبناء مؤسسات الدولة.

وفي سياق النقاش الإقليمي والدولي، أوضح أن ما يجري اليوم بين السلطة القائمة وإسرائيل ليس سلاماً بل استسلاماً، لأن السلام الحقيقي لا يكون إلا بين ندّين متكافئين، وهو أمر يتطلب وجود دولة قوية بمؤسساتها.
كما أشار إلى أن العلاقة مع القوى المحلية، بما فيها قوات سوريا الديمقراطية وفصائل الجنوب والسويداء، يمكن معالجتها عبر إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية لتصبح وطنية جامعة، بحيث تنخرط هذه القوى ضمنها بدل أن تبقى كيانات منفصلة.

وختم طلاس بتشديده أن اللحظة الراهنة تمثل “نافذة نور” لإنقاذ سوريا، أتاحتها تضاربات المصالح الدولية، وأنها فرصة نادرة يجب اغتنامها. وقال : “لي الشرف إن تمكنا من توحيد القوى في سوريا. ليس لدي أي طموح شخصي آخر. الوطن أكبر منا جميعاً. ما نحتاجه هو قانون وعدالة ومحاسبة حقيقية، فالأمان والعدل يبنيان الثقة، والثقة تبني الدولة.”

ليفانت: شادي عادل الخش

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!