الوضع المظلم
الخميس ٣١ / يوليو / ٢٠٢٥
Logo
  • نیچیرفان بارزاني.. الوسيط الإقليمي ودبلوماسية التوازن

نیچیرفان بارزاني.. الوسيط الإقليمي ودبلوماسية التوازن
نوري بیخالي

نوري بیخالي

في خضم التوترات والاضطرابات السیاسیة التي تعاني منها الدول الاقلیمیة وفي الوقت الذي تشهد فیە منطقة الشرق الاوسط برمتها حدة الصراعات وهي علی حافة حرب اقلیمیة حارقة ومدمرة، يبرز اسم رئيس إقليم كوردستان نيچيرفان بارزاني كأحد أهم الوسطاء السياسيين، ویأتي ذلک نتیجة لنجاح جهودە الحثیثة في ترسيخ جسر دبلوماسي بين القوى الإقليمية المتصارعة. 

وفي الاونة الاخیرة ركزت تقارير عدة مصادر إعلامية عالمیة وعربیة ومحلیة على الدور المحوري الذي يلعبه البارزاني في طرح مبادرات سلمیة بغیة انهاء الخلافات والحد من الصراعات الداخلیة، لاسیما في کل من ترکیا وسوریا وایران والعراق والعودة الی طاولة التشاور والتصالح، وذلک من اجل تحقيق الاستقرار والتوازن الإقليمي.

الدبلوماسية البراغماتية
خلال العقدین الماضیین تمكن نیچیرفان بارزاني من بناء علاقات استراتيجية قوية مع تركيا، تتجاوز الخلافات التاريخية حول القضية الكوردية. هذه العلاقات التي تقوم على أسس اقتصادية متينة، جعلت من تركيا الشريك التجاري الأول لإقليم كوردستان  وبدورها ادت الی نجاح رئیس اقلیم کوردستان في تطوير تعاون سیاسي و دبلوماسي مع أنقرة في سبیل وجود حل سلمي للقضیة الکوردیة في ترکیا، مما ساهم في عودة الجانبین (الدولة الترکیة والحزب العمال الکردستاني) الی استئناف عملیة السلام التي الت الی الحد من لغة السلاح وتخفيف التوترات الأمنية.

الوساطة لحل الأزمة الكوردية
ومن جانب اخر، كشفت تلک التقارير الاعلامیة التي اعتمدت علی معلومات ومصادر سیاسیة موثوقة عن دور البارزاني الحاسم في إيجاد حلول وسط للقضية الكوردية في سوريا. وذلک من خلال التوسط بين الحكومة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد). وبهذا الصدد طرح رئیس اقلیم کوردستان رؤية سیاسیة جدیدة تتجاوز النماذج التقليدية لماهیة النظام السیاسي القادم في دمشق، ساعياً لإيجاد صيغة حكم دیمقراطي لامرکزي تضمن حقوق الکورد في سوریا دون إثارة مخاوف الدولة والأطراف ذات العلاقة ومن بینها جارتها الترکیة.

تجاوز الأزمات
أما علی المستوی العراقي فقد لعب نیچیرفان بارزاني بعد عام ٢٠١٧ دوراً محورياً في إنهاء الحصار السياسي المفروض على الإقليم وإعادة بناء العلاقات مع بغداد ونجح في تحويل الأزمة إلى فرصة لتعزيز التفاهم والحوار. وعلی المستوی الکوردستاني عمل ويعمل البارزاني جاهدا على تحقيق المصالحة بين الأحزاب الكردية المختلفة، مما يساهم في استقرار الإقليم.

الاحترام والاستقلالية
وما یخص العلاقة مع ایران، يتبنى رئیس اقلیم کوردستان سياسة “الاحترام بدون خوف” تجاه طهران. فبينما يحترم النفوذ الإيراني في المنطقة، إلا أنه يحافظ على استقلالية القرار السياسي للإقليم ويرفض الانصياع التام للإملاءات الخارجیة. وخلال فترات التصعيد بين إيران والولايات المتحدة، نجح البارزاني في الحفاظ على علاقات متوازنة مع الطرفين، مما ساعد في تجنب تحول الإقليم إلى ساحة صراع.

الحوار والتوافق
نیچیرفان بارزاني السياسي المعروف بتجنب المواجهات المباشرة والبحث عن أرضيات مشتركة من اجل بناء الثقة والشراکات. يفضل الدبلوماسية الهادئة والعمل خلف الكواليس على المواقف المطاطیة والخطابات الاستفزازية. وهذا ما جعلە
موفقا في بناء شبكة واسعة من العلاقات الشخصية والمؤسسية مع قادة المنطقة، مما يمنحه القدرة على لعب دور الوسيط الموثوق.

مواجهة التحدیات باستثمار الموقع
علی الرغم من النجاحات المحققة، يواجه نیچیرفان بارزاني تحديات منها الضغوط الداخلية للحفاظ على التوازن بين الطموحات الكوردية والواقع السياسي، بالإضافة إلى التطورات الإقليمية المتسارعة. لذکل يستغل الموقع الجیواستراتیجي لإقليم كوردستان كنقطة تقاطع بين القوى الإقليمية لتعزيز دور الإقليم كوسيط إقليمي وابقائە اقلیما ینظر الیە کعامل استقرار ویعامل کفاعل سیاسي.

خلاصة القول:
يمثل نيچيرفان بارزاني نموذجاً للقيادة السياسية البراغماتية في منطقة تشهد صراعات متعددة. حیث نجح في تحويل إقليم كوردستان من منطقة توتر محتملة إلى جسر للتفاهم الإقليمي، مساهماً في تعزيز الاستقرار في العراق وسوريا وتركيا وإيران من خلال دبلوماسية متوازنة تقوم على الحوار والتفاهم المتبادل.
إن قدرة البارزاني على الحفاظ على علاقات إيجابية مع جميع الأطراف الإقليمية، رغم تضارب مصالحها أحياناً، تجعل منه شخصية محورية في جهود إحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!