-
وول ستريت جورنال: أكثر من 100 مقبرة جماعية ظهرت في سوريا حتى الآن
يستمر السوريون في اكتشاف مواقع دفن جماعية واسعة النطاق، وأحيانًا بطريقة غير متوقعة، حيث يعبر الكثيرون عن القلق من أن كل من فقدوا في هذه الحرب المدمرّة قد يكونون مدفونين في مكان ما تحت الأرض.
في بلدة إزرع، خلال أحد صباحات ديسمبر الماضية، قاد الدكتور ممدوح الزعبي سيارته إلى مزرعة على أطراف البلدة لاستخراج جثث من مقبرة جماعية تم اكتشافها حديثًا، والتي تمثل واحدة من أكثر من 100 مقبرة جماعية في جميع أنحاء البلاد. عثر المالكون الجدد للمزرعة، التي بيعت بعد انهيار نظام بشار الأسد، على الجثث وأبلغوا الدكتور الزعبي، الذي يعد من بين أخصائيي الطب الشرعي القلائل في المنطقة.
كان موقع الدفن، الذي أصبح مزرعة طماطم، ملاصقًا لحاجز عسكري كان يستخدم كقاعدة لجنود الأسد لسنوات. بحلول الليل، تمكن عمال الإنقاذ من انتشال 31 جثة في مراحل مختلفة من التحلل، وكان بعضها مكدسًا فوق بعض، مما يشير إلى عمليات دفن متعددة على مر السنين. يعكس هذا الاكتشاف المخاوف السائدة بين أهالي البلدة حول ما إذا كان قائد النظام المحلي قد تخلص من رفات المختفين.
عبر الدكتور الزعبي عن قلقه قائلاً: "وجدنا بالضبط ما كنا نتوقعه، قبراً جماعياً. كنت أتوقع العثور على جثث أكثر، وكل مفقود الآن، إذا لم يظهر بعد التحرير، فهو مدفون في الأرض في مكان ما". وتأكيدًا على عمق المعاناة، تُظهر التقارير أن البحث عن المقابر الجماعية لم يعد التحدي الرئيسي، بل التعامل مع الحقيقة المروعة وراء كل منها.

كشفت تحقيقات صحيفة وول ستريت جورنال عن أن البلاد مليئة بمواقع دفن جماعية، حيث تم الإبلاغ عن اكتشاف جثث في مواقع كانت سراً معلناً منذ زمن. تتنوع المقابر بين حقول شاسعة تضم عشرات الآلاف من ضحايا القتل المنهجي وأخرى أصغر تحتوي على عشرات الجثث، وقد سجل المركز الدولي للعدالة الانتقالية ومجموعة "محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان" السورية 134 قبرًا جماعيًا حتى الآن، مع دلائل على وجود المزيد.
وتسلط الأرقام الضوء على الوضع المأساوي؛ إذ أسفر حكم نظام الأسد المدمر عن مقتل مئات الآلاف من المعارضين والذين عانوا من اعتقال وتعذيب ممنهج على مدى 50 عامًا. انتفاضة 2011 التي تهدف إلى إسقاط الأسد، ورد الفعل العنيف للنظام خلال العقد ونصف العقد اللاحق، أديا إلى خسائر فادحة في الأرواح، بما في ذلك القتلى جراء القصف الروسي والنظامي، والهجمات الكيميائية، وعنف الجماعات المتمردة.
في المستشفى الذي يعمل فيه الدكتور الزعبي، قام بتوثيق كل جثة عُثر عليها، مُرقمًا إياها ومصورًا معها بقايا الألبسة التي وُجدت. احتفظ بالجثث في ثلاجة المستشفى لمدة أسبوعين، وعندما لم يأت أحد لاستلامها، قام بجمع عينات DNA واحتفظ بأسنان من كل جثة قبل إعادة دفنها في مقبرة الشهداء.
وأفاد سائق شاحنة في شعبة الخدمات الطبية العسكرية أنه كان يتم نقل الجثث في البداية في أكياس بلاستيكية، لكن في وقت لاحق بدأ رجال الأمن في نقلها بشكل مكشوف، مرقمة بأرقام تشير إلى السجن أو الفرع الأمني الذي توفوا فيه.
تشير الوثائق المسربة إلى أن العديد من المعتقلين تم استجوابهم ثم ماتوا في السجون، مما أدى إلى أن تتحول حياتهم إلى ذكريات في المقابر الجماعية. وُجدت جثث في بئر محفورة بين أشجار الزيتون في قرية معان، بالقرب من الطريق السريع M5، مما يعكس نمطًا من القتل الذي مارسته السلطات.
في وقت سابق من أغسطس، عثر أحد المزارعين على شعر يطفو في بئر، وبعد استدعاء الشرطة الجديدة، تم انتشال الجثث وإرسالها إلى دمشق لإجراء تحليل شرعي. وقد قدم هذا الاكتشاف دليلاً على نمط ممنهج من القتل، وصرح رئيس الشرطة الجديدة بأن الجنود السابقين للنظام هم من وضعوا الجثث هناك.
المصدر: The Wall Street Journal، ترجمة INT
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!

