-
الليرة التركية في شمال غربي سوريا: أسباب التعامل بها

ما زالت الليرة التركية تُستخدم كعملة رئيسية في مناطق شمال غربي سوريا، خاصة في إدلب وريف حلب، رغم مرور أشهر على سقوط النظام السابق وتحرير البلاد من قبضته، مما يثير العديد من التساؤلات حول أسباب ذلك، وتداعياته، وإمكانية تغيّره في المستقبل، خاصة مع بدء التحول السياسي والإداري الجديد في البلاد.
السياق التاريخي والتحول إلى الليرة التركية
في صيف عام 2020، وبسبب الانهيار السريع لقيمة الليرة السورية وارتفاع سعر الدولار، قررت المناطق الشمالية السورية اعتماد الليرة التركية للعملات اليومية، بهدف حماية السكان من تقلبات العملة المحلية، وضمان استقرار نسبي في الأسعار، خاصة مع غياب المؤسسات المالية الرسمية السورية.
**الاتجاه الحالي: العودة إلى الليرة السورية؟**
في هذا السياق، قال المستشار الاقتصادي الأول لوزارة الاقتصاد والصناعة، الدكتور أسامة قاضي، لموقع تلفزيون سوريا إن "الناس بشكل عام يميلون إلى الاعتماد على العملة الأكثر استقرارًا. في المناطق التي تحت النفوذ التركي، كانت الليرة السورية غير مستقرة، بينما كانت الليرة التركية أكثر استقرارًا، مما دفع السكان إلى اعتمادها كعملة متداولة."
وضح أنّه نصح سابقًا بوضع ثلاث تسعيرات للسلع (بالليرة السورية، والدولار، والليرة التركية) ليختار المستهلك العملة الأنسب، إلا أن الغالبية اختارت الليرة التركية. وقد شهدت تلك المناطق، والتي تمثل حوالي 11% من مساحة سوريا، تدفقًا كبيرًا لليرة التركية، شمل رواتب الموظفين، والأطباء، والمعلمين، والمجالس المحلية المرتبطة بالحكومة المؤقتة في ذلك الوقت.
تأثير وقيود استخدام الليرة التركية
ذكر قاضي أن الاعتماد على الليرة التركية ساعد على تحقيق نوع من الاستقرار النقدي والاقتصادي بين السكان، لكنه أشار إلى أن السكان الآن باتوا معرضين لتأثيرات التضخم في الاقتصاد التركي، نظرًا لارتباطهم المباشر بالعملة التركية.
كما أن القوة الشرائية تختلف حسب فئة الدخل، لكن المساعدات الدولية والنشاطات الإغاثية، إلى جانب الرواتب التي تُدفع بالليرة التركية، خففت من الأزمة نسبياً. ومع ذلك، ظل مستوى المعيشة مقبولًا، لكنه لم يكن مثاليًا، مع وجود ميل واضح لاستخدام الليرة التركية بشكل حصري.
أوضح قاضي أن "الاتجاه الآن هو لاستخدام الليرة السورية أكثر، رغم أن بعض الناس لا يزالون يستخدمون الدولار، لأن الحكومة التركية لم تعد ملزمة بدفع رواتب الموظفين بالليرة التركية، إلا في بعض العقود القديمة. في سوريا، يتم التعامل بالليرة السورية بشكل أساسي، أيًا كانت العملة التي يختارها الشخص، بشرط أن يقبلها البائع. ومع استقرار سعر الليرة السورية، سيزداد تفضيل الناس للتعامل بها."
الدولرة الجزئية ومستقبلها
وتحدث عن موقف الدولة من التعامل بعملات غير الليرة السورية، موضحًا أن "لا أعتقد أن الحكومة ستجبر الناس على التعامل بعملات أخرى. لكن استقرار العملة وتوفرها يحفّز بعض الأفراد على التعامل بعملات أجنبية، خاصة الدولار، وهو ما يُعتبر نوعًا من الدولرة الجزئية في سوريا." أضاف أن بعض القرارات الحكومية، مثل الرسوم الجمركية، لا تزال تُحدد وتُدفع بالدولار، خصوصًا بعد إلغاء المرسوم رقم 3 لعام 2020، الذي حظر التعامل إلا بالليرة السورية.
وأشار إلى ضرورة وجود عملة وطنية موحدة، موضحًا أن العملة الجديدة في سوريا ستكون مربوطة بسلة من العملات المستقرة، مثل الدولار واليورو والجنيه الإسترليني، لضمان استقرار أكبر ومصداقية للجمهور، مع السماح للأشخاص باستخدام عملات أخرى دون عقوبات. في النهاية، ينبغي أن تكون العملة الوطنية الأساسية، وتُسعّر بها كل شيء، من أجل تقوية الاقتصاد المحلي.
وجهات نظر متباينة: أثر العادة والواقع الاقتصادي
علق سعود الرحبي، مستشار الأسواق المالية، على الموضوع، موضحًا أن "الاستمرار في استخدام الليرة التركية لا يرجع بشhttps://www.syria.tv/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%B6%D8%B1%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D8%A4%D9%82%D8%AA%D8%A9-%D8%A3%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D9%85%D8%9Fكل رئيسي لأسباب اقتصادية أو سياسية، بل هو نتيجة عادات راسخة منذ بداية الثورة، جنبًا إلى جنب مع استخدام الدولار."
أكد الرحبي أن السكان اعتادوا على الليرة التركية والعملات الأجنبية عمومًا، ولهذا يستمرون في تفضيلها. وتوقع أن يؤدي طباعة العملة السورية الجديدة إلى تراجع تدريجي في استخدام الليرة التركية في الشمال، إذ أن الفضول سيدفع السكان إلى تجربة العملة الجديدة، وقد يتحول الأمر تلقائيًا مع الوقت.
المصدر: تلفزيون سوريا
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!