-
رسالة إلى الشعب السوري.. وقيادة قسد والإدارة الذاتية والحراك الكوردي بشكل عام

لا بد من اليقظة أمام المخطط الكارثي الذي تعمل عليه حكومة الجولاني بإملاءات خارجية مكشوفة. هذا المشروع لا يستهدف فقط ضرب التآلف الوطني بين مكونات سوريا، بل يسعى إلى إلغاء أي مطلب عادل للشعوب السورية بكل مكوناته القومية والدينية، وفي مقدمتها القضية الكوردية التي يحاولون طمسها وإخراجها من معادلة المستقبل السوري.
هذه المؤامرة، التي يتم تسويقها تحت مسمى "حوارات" بين الحكومة السورية الانتقالية وقوات قسد، ليست سوى فخ مدروس، يبدأ بمحاولات إنهاء قوات قسد وعزلها بشكل استباقي عن المنطقة الكوردية، تمهيدًا لترك الإدارة الذاتية بلا حماية، بحيث يسهل لاحقًا فرض الشروط عليها، وإزالتها ككيان سياسي وإداري وثقافي، والسيطرة على اقتصاد المنطقة ومقدراتها، وهنا ستبدأ عملية تهميش القضية الكوردية في سوريا، جغرافيا وسياسيا وثقافيا، وبأساليب قد لا تختلف عما فعله البعث العربي الاشتراكي.
وعندما ينجحون في ذلك، سيكون الحراك الكوردي والشعب الكوردي قد جُرد من أدوات القوة ومن القدرة على طرح شروطه ومطالبه، ولن تُفتح معه أي حوارات سياسية؛ بل سيُفرض عليه ما تمنحه تركيا عبر حكومة الجولاني، تحت غطاء ضم قواته إلى ما يُسمى جدلًا بـ "الجيش السوري الوطني". هذا "الجيش" ليس سوى إعادة تدوير لفلول داعش ومنظمة هيئة تحرير الشام التي تحاول تلميع نفسها بغطاء وطني زائف، سعيًا للحصول على شرعية وطنية ودولية على حساب تضحيات قوات قسد.
إن ما تقوم به الحكومة الانتقالية السورية، بإملاءات تركية وقطرية، وبدخول المملكة العربية السعودية من بوابة الفكر الوهابي المتقاطع مع هذا المشروع، ليس سوى جريمة جديدة بحق سوريا وشعوبها.
المطلوب اليوم إعادة هيكلة النظام السياسي والإداري في سوريا جذريًا، عبر إقامة نظام فيدرالي لا مركزي سياسي حقيقي، وتخطيط سوريا إلى خمس مناطق إدارية وجغرافية واضحة، تكون فيها غربي كوردستان كيانًا فيدرالياً معلنًا يمتد من ديركا حمكو حتى غربي منطقة عفرين، وبعمق نحو الجنوب يصل إلى نهر الفرات.
المنطقة الكوردية، ليست بحاجة إلى فرض كوادر غريبة عنها، ولا إلى الوصاية المركزية؛ فهي قادرة، بما تملكه من كفاءات ومكونات متعايشة، على إدارة شؤونها إداريًا، وسياسيًا، واقتصاديًا، وثقافيًا. إن العودة إلى نظام تعيين المحافظين ومديري المناطق من خارج المنطقة وعزل أبنائها لن يكون إلا إعادة إنتاج الدكتاتورية المركزية بأساليب جديدة أكثر خبثًا.
أما الطعن في اللامركزية السياسية تحت حجة تقسيم سوريا أو اتهام الكورد بالسعي للانفصال، فليس إلا خطة ممنهجة لإحياء المركزية الاستبدادية، عبر ذرائع غير واقعية تتجاهل أن المركزية كانت ولا تزال أصل الدمار في سوريا.
لهذا ننصح قوى الإدارة الذاتية وقيادة قوات قسد، والهيئة المنتخبة بعد كونفرانس قامشلو:
التمسك المطلق بمطلب النظام الفيدرالي اللامركزي كشرط غير قابل للمساومة، واعتباره أساس أي حوار سياسي.
تعزيز التحالفات مع القوى الدولية الفاعلة التي ترى في الفيدرالية ضمانة لاستقرار سوريا، خاصة الولايات المتحدة وفرنسا، مع توضيح مخاطر أي دعم غير مباشر للمركزية الاستبدادية الجديدة.
الإسراع في تطوير البنية المؤسسية للمنطقة الكوردية من الداخل (إداريًا واقتصاديًا وثقافيًا) لتكون قادرة على حماية مشروعها من الداخل قبل الخارج.
العمل على توسيع الشراكات الوطنية مع بقية مكونات سوريا، على أساس الحقوق المتساوية، لقطع الطريق أمام محاولات عزل المشروع الكوردي وتشويهه إعلاميًا.
إن أي تهاون في هذه المرحلة سيعني خسارة كل ما تحقق، ليس فقط للكورد، بل لكل السوريين الذين يحلمون بسوريا تعددية ديمقراطية لا مكان فيها للطغاة ولا للأنظمة الشمولية القديمة بأقنعتها الجديدة.
د. محمود عباس
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!