-
واشنطن تصعّد حربها ضد برنامج إيران للمسيرات
-
عقوبات جديدة تطال شركات صينية ودلالات أوسع.. خنق شرايين التسلح الإيراني ومواجهة “إمبراطورية الإرهاب المسيرة”

في خطوة تُعد من أكثر الإجراءات الأمريكية تشدداً منذ أشهر ضد النظام الإيراني.. أعلنت وزارة التجارة الأمريكية في الثاني من أكتوبر 2025 عن إدراج 15 شركة صينية في قائمتها السوداء؛ بتهمة المشاركة في تزويد النظام الإيراني وميلشياته بوحدات إلكترونية حساسة تُستخدم في تصنيع الطائرات المسيّرة.. هذه الطائرات التي باتت سلاح النظام المفضل لتصدير الإرهاب تُستخدم من اليمن إلى أوكرانيا عبر أذرع طهران الإقليمية.
شبكات تهريب عابرة للقارات
بحسب البيان الأمريكي تنقسم الشركات المُعاقبة إلى مجموعتين.. الأولى تضم عشر شركات يُعتقد أنها سهّلت نقل مكونات أمريكية الصنع، وجرى لاحقاً العثور على هذه المكونات في الطائرات المسيّرة التي تستخدمها ميليشيات الحوثي ضد أهداف مدنية في السعودية واليمن، أما المجموعة الثانية فتشمل خمس شركات شاركت وفقاً لتقارير استخباراتية دقيقة في توريد أنظمة تحكم واتصال للطائرات المسيّرة التي تديرها الميليشيات الموالية لطهران في سوريا والعراق ولبنان.، ويفرض هذا الإدراج قيوداً شبه مطلقة على وصول هذه الكيانات إلى التكنولوجيا الأمريكية؛ فبموجب القواعد يُمنع الموردون الأمريكيون من بيع أو شحن أي منتجات دون ترخيص خاص، وغالباً ما يكون هذا الترخيص مستحيلاً، وبهذا تسعى واشنطن إلى خنق شرايين برنامج الطائرات المسيّرة للنظام الإيراني الذي بات يشكل تهديداً للأمن الإقليمي والدولي على حد سواء.
المسيّرات الإيرانية… من اليمن إلى أوكرانيا
لم تعد طائرات النظام المسيّرة محصورة في الشرق الأوسط.. فقد استخدمتها روسيا في حربها على أوكرانيا بشكل مكثف لقصف المدن الأوكرانية في انتهاك صارخ للعقوبات الدولية.. كما انتشرت هذه الطائرات عبر الميليشيات التابعة لطهران في العراق وسوريا ولبنان حيث تُستخدم لتوجيه رسائل تهديد للغرب وحلفائه، ويرى مراقبون أن إدراج الشركات الصينية ليس إلا حلقة أولى في حملة أشمل؛ إذ تؤكد واشنطن أنها ستلاحق كل جهة أو كيان يسهم في دعم القدرات الإيرانية، وقد صرح مسؤول في وزارة التجارة الأمريكية قائلاً: “لن نسمح لطهران ببناء جيش من المسيّرات بقطع غيار غربية، وكل من يتورط في ذلك سواء في بكين أو دبي أو موسكو سيدفع الثمن”.
إيران في مواجهة عزلة متزايدة
اللافت أن هذه الإجراءات تأتي في حين يتعرض النظام الإيراني لعزلة دولية غير مسبوقة.. فبعد إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة عليه وتصاعد الإدانات الحقوقية لجرائمه الداخلية يجد النظام نفسه محاصراً من كل الجهات., وتؤكد التقارير أن برنامج المسيّرات الإيراني لم يعد مجرد مشروع عسكري بل بات أحد أدوات النظام الأساسية للبقاء إلى جانب القمع الداخلي والنهب الاقتصادي؛ ففي الداخل تزداد نقمة الشعب على الفقر والبطالة وتفشي الإعدامات التي تجاوزت الألف حالة خلال عام 2025 وحده وفق تقارير المقاومة الإيرانية، وفي الخارج يحاول النظام عبر تهريب الأسلحة والمسيّرات أن يفرض أوراق ضغط ليحصل على تنازلات سياسية إلا أن هذه المحاولات باتت مكشوفة أمام المجتمع الدولي.
يوم عالمي ضد الإعدام.. والوجه الآخر لآلة القتل
تزامناً مع هذه التطورات أحيت المقاومة الإيرانية والمجتمع الدولي اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام مسلطة الضوء على أن الآلة التي تصنع المسيّرات لقتل الأبرياء في الخارج هي ذاتها التي تُشغّل المقاصل في الداخل.. ففي الوقت الذي تُفرض فيه العقوبات على شركات تسلح النظام يواصل هذا الأخير شنّ حرب إبادة صامتة ضد الشباب المنتفضين داخل إيران.
على صعيد ذي صلة قالت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بيانها بهذه المناسبة:
“النظام الذي يصدر القتل إلى الخارج لا يمكن أن يعيش دون الإعدام في الداخل.. فكل طائرة مسيّرة يرسلها هي امتداد لحبل المشنقة الذي يلتف حول أعناق الأبرياء في إيران”.، وأضافت أن الحل الحقيقي لا يكمن في سلسلة من العقوبات الاقتصادية وحدها بل في “إسقاط هذا النظام برمته وإحلال جمهورية ديمقراطية علمانية تقوم على احترام حقوق الإنسان والسلام”.
واشنطن وتغيير المعادلة
تدرك واشنطن أن المواجهة مع النظام الإيراني لم تعد مجرد صراع نووي أو تجاري بل صراع حول مفهوم الاستقرار نفسه؛ فكلما ضاق الخناق على طهران لجأت إلى التصعيد والابتزاز عبر أذرعها.. لكن في المقابل تزداد إرادة المجتمع الدولي لمحاسبتها، وتشير الأوساط الدبلوماسية في واشنطن إلى أن إدارة بايدن تعمل حالياً على تنسيق أوسع مع الاتحاد الأوروبي لوضع “شبكة العقوبات على برنامج المسيّرات الإيراني تحت إشراف موحّد” وربطها بملف حقوق الإنسان والإعدامات في الداخل الإيراني.
بهذا يتحول ملف المسيّرات من قضية أمنية إلى ملف سياسي وإنساني متكامل يعكس قناعة متنامية بأن النظام الإيراني لا يمكن فصله عن الإرهاب سواء داخل حدوده أو خارجها.
وفي الختام.. يبقى واضحاً أن سياسة “الخنق المزدوج” أي محاصرة مصادر تمويل النظام وسلاحه، وفضح جرائمه الداخلية.. باتت هي الطريق الواقعي الوحيد لردع طهران، وكما أكدت المقاومة الإيرانية فإن كل إجراء دولي يعمّق عزلة هذا النظام هو خطوة نحو اليوم الذي تُستبدل فيه المقاصل بمشاعل الحرية، والمسيّرات القاتلة بأجنحة السلام في سماء إيران الحرة.
عبدالرزاق الزرزور - محامي و ناشط سياسي سوري
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!