-
انتخابات شكلية ومجلس تصفيق للسلطة

رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان مجريات أول انتخابات برلمانية تُجرى في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد، والتي شهدت غيابًا واضحًا للمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، أبرزها الحسكة، الرقة، دير الزور، حلب، والسويداء. وتُوصف هذه الانتخابات بأنها كانت «صورية» وافتقدت للمضمون الديمقراطي، وسط استياء شعبي وسياسي واسع.
وتبين أن الحكومة الانتقالية عمدت إلى إجراء تعديلات عاجلة على قانون الانتخابات، دون استشارة القوى الوطنية أو إشراك منظمات المجتمع المدني، في خطوة اعتُبرت محاولة للتفاف على مبدأ المشاركة السياسية الذي دعت إليه المعارضة منذ سنوات. ومن بين التعديلات المثيرة للجدل تقليص مدة الحملات الانتخابية إلى أسبوع واحد فقط، مما حال دون قدرة المرشحين المستقلين والقوى الناشئة على التواصل مع الناخبين بشكل فعال، إلى جانب منح اللجنة العليا للانتخابات صلاحيات واسعة لاستبعاد المرشحين لأسباب أمنية، وهي بند يثير المخاوف من استخدامه لأغراض سياسية وطائفية.
وفي خطوة أخرى، قام رئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، بتعيين ثلث أعضاء مجلس الشعب بشكل مباشر، والإشراف على تشكيل الهيئات الناخبة عبر لجان مختارة بعناية، الأمر الذي حول البرلمان إلى أداة شكليّة تخدم توازنات السلطة بدلاً من أن يكون منصة تمثيل حقيقية لإرادة السوريين.
تجاهل المناطق المهمشة
أما المناطق الخارجة عن السيطرة، خاصة في شمال شرق سوريا (الحسكة، الرقة، دير الزور)، وريف حلب، وأجزاء من السويداء، فقد جرى استبعادها فعليًا من العملية الانتخابية، سواء بعدم وجود مراكز اقتراع، أو من خلال استبعاد مرشحين بحجة الشروط الأمنية. ويكرر هذا النهج سياسة التهميش المناطقي، ويعيد إحياء النظام المركزي الذي طالما عانى منه السوريون، إذ يُختزل الحق في التمثيل في العاصمة والمدن الكبرى، بينما تُقصى المناطق التي تحمل عبء سنوات الصراع.
غياب الإشراف الدولي يثير الشكوك
وفي ظل غياب الرقابة الدولية، لم تسمح السلطات السورية لأي جهة قضائية مستقلة أو منظمة دولية، كالأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، بالإشراف على الانتخابات، رغم التأكيدات الدولية على ضرورة إجراء انتخابات شفافة وتحت إشراف أممي يضمن تمثيل جميع السوريين داخل وخارج البلاد.
ويُعتبر غياب الشفافية وتزايد السيطرة الحكومية على مفاصل العملية أحد أسباب فقدان الانتخابات شرعيتها، الأمر الذي يُثير تساؤلات واسعة حول نتائجها ومصداقيتها. ويحذر المرصد السوري من أن إقصاء المكوّنات المحلية والعشائر والأحزاب السياسية، واستمرار التهميش، لن يؤدي سوى إلى تعميق الانقسامات الداخلية، وإعادة إنتاج منظومة الإقصاء التي كانت أحد أسباب انطلاق الثورة السورية.
ويؤكد أن أي مسعى حقيقي لبناء دولة ديمقراطية في سوريا يتطلب أساسًا التعددية، والشفافية، والمشاركة الواسعة، وليس إعادة إنتاج سلطة مركزية برقابة ضعيفة أو بدون إشراف دولي فعال.
المصدر: المرصد السوري
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!