الوضع المظلم
الجمعة ١٤ / نوفمبر / ٢٠٢٥
Logo
إلى عبد المجيد تبون .. الصلح خير يا سيادة الرئيس!
عبد المجيد مومر

إلى عبد المجيد تبون .. الصلح خير يا سيادة الرئيس!

بقلم عبد المجيد موميروس

شاعر وكاتب مغربي
 

السيد رئيس الجمهورية الجزائرية العزيزة؛

تحية وحدوية مفعمة، بأمال الوئام والسلام.

تحية وحدوية مشبعة، بغايات المصالحة والخير المستدام، من أجل الصالح الإنمائي العام.

تحية وحدوية متشبتة، بحلم الإندماج المغاربي، وإنَّه لَغُرَّة الأحلام.

أما بعد؛

رغم؛ قتامة الوضع الدبلوماسي المُختَنق، داخل أروقة "إتحاد المغرب العربي". الذي يعيق الوحدة التكاملية المنشودة. رغم؛ هذا المعطى الإقليمي المحبط، أجدني منافحا عن زمن إنعتاق المصالحة الجديدة، بنداء الإستعاضة الديبلوماسية البناءة. مُتمسكا؛ رغم كل الجمود الحاصل، في تحقيق الحلم المغاربي الجميل. الذي يستمر؛ بقلوب جميع الأجيال المغاربية الصاعدة، خيارا إندماجيا تاريخيا، شرعيا ومشروعا. بما يتيحه من إستعاضة متينة، تستطيع مواجهة التحديات الأمنية والعسكرية، المطروحة بمنطقة الساحل الأفريقي. مثلما تدفع بشعوب المنطقة، نحو طريق الإزدهار الإقتصادي السريع.

ذلك؛ لأن كل تهديد قد يحمل بين طيَّاتِه، فرصة متاحة للخلاص المشترك. عبر تحيين سرديات الثقافة الوحدوية، التي تُمَكِّن من حفظ شعلة الإندماج موقدَة. بعدما؛ قد تجمّدت حروف الإتحاد، حتى دنَت مَوادُ معاهداته من ساعة التحلّل القيمي.

السيد رئيس الجمهورية الجزائرية العزيزة؛

إذ؛ لا بد للفكرة المغاربية من إنعاش التجدد، عبر إنبثاق إستعاضة عقلانية واقعية، إستعاضة واعية بوحدة المصير المغاربي، وبإمكانية الخلاص المشترك. من أجل؛ صيانة مصالح الشعوب، ورعاية التنوع البشري، وحماية سلامة الدول الأعضاء. بعيدا؛ عن سرديات التنازع الماضوي، وعن صفرية المعادلات الحربية. التي تهدد مستقبل الناشئة الصاعدة، وهي تتطلع إلى غد مغاربي أفضل.

فحين؛ تم الإعلان عن قيام "اتحاد المغرب العربي"، بتاريخ 17 فبراير 1989، في مدينة مراكش. حينذاك؛ إلتأم شمل قادة خمس دول: المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا وموريتانيا. وقد ظهر الأمل قويا، في توطيد معاهدة السياسة المشتركة. التي تهدف إلى تحقيق آمال الشعوب المغاربية، وإحقاق الوفاق والتوافق بين الدول الأعضاء، مع إقامة إندماج تكاملي وثيق بينها. إندماج معطاء؛ يقوم على عماد المصلحة الاقتصادية والثقافية، وعلى شرط السيادة الكاملة، لكل دولة من دوله الأعضاء.

لكنه الحلم الوحدوي الجميل، قد تعرض للإنتكاسة والضمور. بل؛ أنه إذا لم تتحرك الإرادة الجمعية، آخِدة العبرة البليغة، من تشتت التجمعات الجنوبية المجاورة. فإن سردية الإتحاد المغاربي، قد تتفكك إلى شظايا متناثرة. بسبب الخلل الجوهري؛ المتجسد في الإنزياح عن صراط العهود الأساسية، التي حددتها معاهدة مراكش التأسيسية. ذلك؛ بعد عقود مريرة، من تفتيت الشعور الجمعي بالمصير المشترك.

مآلات القرار 2254 في سوريا بين التفويض والاحتكار...

السيد رئيس الجمهورية الجزائرية العزيزة؛

ها فوضى الإرهاب والتطرف العنيف تضرب منطقة الساحل الأفريقي، وتكشف عقبى الأخطاء الجيو-إستراتيجية. التي قد تنذر بتداعيات أخطر، على دول الساحل الشمالي الأفريقي. فالإقتِتال الداخلي والتدخل الأجنبي بغرب أفريقيا، باتت نوازلُهما قريبة، من حدود الدول المغاربية. بينما؛ لن تستيطع الأجيال المغاربية الصاعدة، الوقوفَ بتكتل جامع حاسم، ولا حتى النهوض باندماج حازم. أمام إنتهاك جماعات مسلحة متطرفة وعنيفة، للجغرافيا-السياسية بالساحل القريب من حدود دول الشمال الأفريقي.

حيث؛ تُحاصَر التجمعات الإنسانية، ويتم تعطيل تزويد المدنيين بالمواد الأساسية. ثم قد تستباح الأراضي الأفريقية، بالتدَخُّل العسكري الأجنبي، في شؤون شعوبها الداخلية. أو؛ عبر سَعيِ الجماعات الإرهابية، لتقسيم دول الساحل، وإصطناع دويلات غير قابلة للحياة.

فلهكذا إذن؛ وبِما أن كل ما سبقَ ذكرُه، قد يتمدَّد بؤسُه إلى دول الشمال الأفريقي. وفي ظل القطيعة الحاصلة؛ نحن في مَسيس الحاجة وشديد الإفتقار، إلى المصالحة وتحيين التٱلف المغاربي الموحد، في مواجهة المستجدات الجيو-ستراتيجية المتواترة. إذ؛ لا بد من الإستعاضة عن التنازع المؤدي إلى الفشل، بتحيين معاهدة مراكش القائمة، على لم شمل دول الإتحاد المغاربي. هاته المعاهدة التي تنصّ بصيغة صريحة، على صيانة إستقلال كل دولة، من الدول الأعضاء. و على أنَّ: أيَّ إعتداء على دولة، من الدول الأعضاء، يعتبر إعتداء على كل أعضاء الاتحاد.

السيد رئيس الجمهورية الجزائرية العزيزة؛

لَكَمْ كانت؛ وحدة المصير المشترك، شعورا فياضا يُقَوِّي حبل الروابط المتينة، بين شعوب البلدان المغاربية، ضد الظلم الإستعماري البائد. عدا أنها اليوم؛ تفرض تفعيل الحد الأدنى الضروري، من معاهدة الإتحاد القائمة. ذلك؛ بشكل يساعد على إنبثاقة مغاربية جديدة، تعمل على معالجة فشل الإندماج التكاملي. لأن التنازع المؤدي إلى الفشل، يشكل تهديدا للإستقرار والأمن المغاربي. كما يجسد وبالا خطيرا، على التنمية المغاربية المُشْتركة.

مثلما أن؛ رواسب الثقافة الدبلوماسية القديمة، قد بيَّنت عجز المنظومة المغاربية. عن تجاوز الحسابات الذاتية الغالبة، المرتبطة بتبعات النزاعات المفتعلة. هاته النزاعات المُستنزِفة؛ التي تسببت في تعطيل، العملية الوحدوية الضرورية، بين الدول المغاربية الخمس. وقد تستمر عرقلة الإندماج المأمول، رغم ما يشهده الساحل الافريقي، من هزات عميقة وحروب دموية. سترخي بتبعاتها الهدامة، على استقرار الشمال الأفريقي. وعلى سلامة أراضي البلدان المغاربية، و على مصالح شعوبها.

فحبذا الإستعاضة بمبدأ رابح-رابح؛ قصد تحيين خارطة الطريق المغاربي، ومراجعة القطيعة السالفة، ولمْلَمَة تَمزُّقات المنظومة المغاربية. عبر تدوير عجلة التآلف المتين، وتحويط أزمة الإتحاد، درءا لأخطار التمكين للجماعات المسلحة المتطرفة والعنيفة. لأن الوقائع الخطيرة المستجدة، تنذر بمزيدٍ من الخطب الجلل. خصوصا؛ في ظل توغل ميليشيات إقليمية وحشية ودموية، وشبكات أعمال أجنبية إنتهازية. داخل المجال السيادي، لدول الساحل الأفريقي. مما قد يسرع من عملية تآكل المنظومة المغاربية، وانهيار أواصر الوحدة الطموحة، ذات التاريخ والمصير المشتركين.

السيد رئيس الجمهورية الجزائرية العزيزة؛

وَأنهَا الثقافة السياسية القديمة، تأبى التٱزر المغاربي المعزز. وتمنع تقديم موقف مغاربي موحد، في العديد من التحديات المصيرية الحاسمة. مثلما؛ أنها ثقافة غير منتجة، ترفض الفسح في المجال، أمام فرصة الوحدة المثمرة، وتعزيز منظومتها التكاملية. بغرض تأمين سلامة الأراضي المغاربية، من كل أشكال الإرهاب والتدخل الخارجي.

وهي نفس القدامة المانعة، لإنجاز التحول المفاهيمي: من "إتحاد المغرب العربي"، إلى "الإتحاد المغاربي الكبير". هذه الوثبة الحضارية المتضامنة؛ التي وجب أن تنطلق من إجتثات التوحش الإرهابي بمختلف تلويناته، التي تهدد وتستبيح حدود المجال الإستراتيجي المغاربي.

السيد رئيس الجمهورية الجزائرية العزيزة؛

فإنه؛ بإسم المصلحة الوجودية المشتركة، ما عاد مقبولا تعطيل معاهدة مراكش، باعتبارها ميثاق الكتلة التاريخية المثلى، لمواجهة تهديدات الجماعات المسلحة المتوحشة، التي تعادي السلم الأفريقي. كما ترفض فضائل التآخي البشري، ولا تحفظ حسن الجوار، ولا إستقرار الدول، ولا حدودها ودوام سيادتها.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى

 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!