-
الأحزاب المغربية، التأليف الرشيد والحكم الذاتي الحقيقي بالصحراء!
الأحزاب المغربية، التأليف الرشيد والحكم الذاتي الحقيقي بالصحراء!
بقلم عبد المجيد موميروس
المنسق المرحلي للتحالف الديمقراطي الفيدرالي
قبل البدء؛
لا حكم ذاتي حقيقي .. دون أحزاب ديمقراطية حقيقية!
فأما بعد؛
إن إعتماد مبادرة الحكم الذاتي كأساس تفاوضي، من أجل الطيّ النهائي للنزاع حول الصحراء المغربية. قد إنبثق من إرادة سامية، واعية بمتطلبات الوحدة والسلام، تروم التأليف الرشيد بين طرفين. هذا التأليف الحضاري؛ الذي يدعم السيادة الوطنية، بتسوية "رابح-رابح"، القائمة على معادلة "لا غالب/لا مغلوب". إذن؛ نحن أمام حقبة تاريخية مفصلية، تفرض على الأحزاب المغربية، الوعي بمقاصد التأليف بين قلوب المقيمين والعائدين. مع توطيد ثقتهم في الظلال الوارفة، لوطنهم المغربي الموحد.
لكن؛ لا يمكن لأحزاب لاهِية عقولها، عن مَاهيَّة المعادلة العميقة، المتفاوَض حولها. أن تعثر على القيم الرائدة، الرزينة وَالواعدة، التي تحقق لمّ شمل الغايَة الديمقراطية السليمة، بالمُنْجَز الوحدوي القَويم. كما؛ يصعب على أحزاب ذات بنية ممركزة جامدة، إشتقاق دالة التجميع الفيدرالي. وكسب رهان الثقة عند التنزيل الميداني، لنتائج الحل القابل للتطبيق. هذا الحل الجامع؛ الذي يخص إنهاء صراع طويل، داخل منطقة جيو-إستراتيجية حساسة، تعاني من تهديدات الإرهاب والحرب والقدامة السياسوية.
لأن ذلك؛ سيظل رهينا بوجود عقل حزبي، يستطيع تحليل المتغيرات السياسية، وتحديد القيم القصوى والصغرى، باعتدال وطني رصين. فَدالّة التجميع الفيدرالي المشتقة؛ يجوز التعبير عن واقعيتها الجديدة، بمعادلة التوافق حول التنازلات بين الطرفين، مع حفظ ماء وجه الجميع. غير أن شرطها الفريد؛ يتلخص في كون جميع مداخلها التفاوضية، لها مخرج سياسي وحيد: الحكم الذاتي الحقيقي. أَيْ: تمتيع بعض الجهات المغربية الجنوبية، بتدبير إداري مستقل، تحت سيادة المملكة الموحدة.
حيث؛ لن تكون المقترحات الحزبية محمودة، جادة وذات مصداقية، إن لم تُدَعِّمْها بالبَيِّنة التنظيمية اللامُمَركزة. والمراجعة الثقافية المدرِكة، لمتطلبات السلم والسلام، ولِمُستَلْزَمَات التأليف الرشيد. قصد تخصيب "رمال التنوع البشري"، وتنقيتها من عقليات الهرم الحزبي المركزي الطوطاليطاري. ذلك؛ بما أن منظومة الأحزاب المغربية، تنهل من مستنقع القدامة التأطيرية، التي تعود لِحِقَب آفلة، مُناقضة لثقافة الزمن التفاوضي المعاصر.
الكورد وتركيا عند مفترق التاريخ: هل تجرؤ أنقرة على السلام؟
فهكذا قد كان؛ وعند تمحيص متون قرار مجلس الأمن، نجده يدعم الإستناد على مقترح الحكم الذاتي الحقيقي، عند التفاوض المباشر. قصد التوصل إلى حل سياسي نهائي، يقوم على التوافق بين الطرفين. ولعل زمن التفاوض القريب؛ من أجل هذا الحل الديمقراطي التشاركي، قد كان -ولازال- يفرض على الأحزاب المغربية، الابتعاد عن تكتيكات المخاتلة المصلحاتية. وكذا؛ اجتناب مزايدات اللغو الفارغ، قصد التأسيس لدينامية وطنية بواقعية جديدة.
فمسار التفاوض الدبلوماسي المباشر، يتطلب التعبير الحزبي الصريح، عن ماهية تنازلاته العميقة. دون تهرب من تحمل المسؤولية، وَدونَ الإختباء وراء الإرادة السامية. مع التَّحَلي بالمراجعات الأيديولوجية المثمرة، والتَّخَلِّي عن هوس التمركز الحزبي المُتَقادم. ثم الإلتزام بالجديدِ الديمقراطي التشاركي، قصد تأطير المجتمع لإحتضان الحلول المتمخضة، عن المسار التفاوضي السلمي. كل ذلك؛ على أساس مقاربة نيو-واقعية، تعتمد قسطاس الموازنة بين المصالح المتناقضة المتعارضة. من أجل كسب رهان السلم والسلام بشمال افريقيا، ومن أجل سيادة المغرب الموحد.
وَلأن كل الدلائل والمعطيات التنظيمية، تنبه إلى حالة القصور الذاتي للعقل الحزبي المغربي. حين تكشف عن بيّناتِ تَوَرُّط زعاماته، في ضرب الديمقراطية الداخلية، أو إشاعة فاحشة التوريث الحزبي، أو عرقلة التنظيم الجهوي المتقدم. فلعله ذا الذي يجعلنا؛ نستغرب من مخاتلات المنتظم الحزبي، وعقلياته غير الصريحة، التي لا تساعد على تأهيل العنصر البشري الوطني، لمرحلة تنزيل الحل النهائي المتوافق عليه.
حيث؛ لا تلتزم الأحزاب بوظيفة التأطير السياسي، وإنما تتذرع بالإختباء وراء الإرادة السامية. غافلة عن دورها المحوري، في تنزيل نتائج المفاوضات المباشرة. خصوصا؛ وأن مرجعيات المنظومة الحزبية، شاهدة على إنزياحاتها الثقافية الضارة. التي قد تتمظهر مشبوهة، بتعويم وتمييع حجية المبادرة المغربية، حرصا منها على عدم توسيع دائرة اللامركزية الحزبية. وعساها كافية؛ تلكم المعطيات الميدانية الدقيقة، التي تؤكد تخلف المنظومة الحزبية، عن الزمن الأممي للحكم الذاتي الحقيقي.
من تمً؛ وَلأَن حسم النزاع المستنزِف، يتطلب الجلوس على طاولة المصالحة الأخوية، وتوقيع إتفاق سلام مع الطرف المقابل. بالتالي؛ لا يجوز للأحزاب المغربية أن تقف جامدة، متجمدة عند ثقافة أيديولوجية ضارة، وعقائد تنظيمية بالية. بل؛ عليها اعتماد وسائل الواقعية الجديدة، وتحيين إحداثيات التنظيم العقيم، كي لا تكون سببا في فشل تنزيل الحل النهائي. بل؛ قد وجب عليها تأمين التحول المفاهيمي، من قَدامة الحركة الوطنية، إلى حداثة الحركة المواطِنة. لأن إنعدام الصراحة الحزبية، ومحافظتها على الثقافة الماضوية. لا يعبد الطريق الداخلي، أمام بناء الحكم الذاتي الحقيقي. وإنما؛ قد يتسبب في زعزعة التأليف الرشيد، بين المقيمين وبين العائدين، ومعهم باقي مكونات الهوية الدستورية الجامعة بروافدها المتعددة.
لذا؛ قد وجب على العقل الحزبي القديم، أن يُعرِّي عن هيكل الحداثة التنظيمية. عبر القيام بأم المراجعات، والإرتقاء إلى مقام التنظيمات الديمقراطية الفيدرالية. التنظيمات المتطورة؛ القادرة على تيسير التنزيل الإنتخابي للحل النهائي، كما تدعمه قرارات الشرعية الأممية، التي تلزم الجميع بالانضباط لروح هذا الحل ونصه.
ختاما؛ قد وجب إجتناب رذيلة التوظيف الحزبي السياسوي، لمقاصد الإرادة السامية. لكي؛ لا تنقلب نتائج المفاوضات المباشرة، إلى صدمة داخلية لن تحمد عقباها. وحتّى لا يتحول إتفاق السلام المزمع توقيعه، إلى نكسة تراجيدية تحمل أثر الأخطاء الحزبية التأطيرية. إذن؛ فلا داعي لإجترار أسطوانة الأخطاء القاتلة، المعاكسة لحركية العقل والتاريخ والجغرافيا-السياسية. وإنما على الأحزاب المغربية؛ إيقاد شعلة الديمقراطية الداخلية، وتجويد مبدأ التجميع الفيدرالي. وتثقيف المجتمع؛ حينَ زمن التعديل الدستوري القادم، على قيم المصالحة الشجاعة والعفو الجزيل. لأن رهان التجميع الفيدرالي؛ يتجسد في تأمين حق المقيمين والعائدين، في اختيار مصيرهم ضمن وطنهم الأم، وتحت راية المملكة المغربية الموحدة.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!

