-
الانتقال السياسي في سورية ما بعد الأسد........ قراءة استراتيجية
يُلاحظ المتتبع لسير مستجدات الأحداث الدراماتيكية في سورية، بأنها وللوهلة الأولى أحداث ذات منحة عفوية، ومستقلة عن التطورات الإقليمية والدولية أو ما يشبه بأن يكون بمسار فردي تتحكم بها مجريات الأحداث لتُعبرعن إرادة الشعب السوري في الديمقراطية، أو العيش من خلال دوامة المستقبل المجهول وغياهب التكهنات لاحتمالات مستقبلية تحمل طابع التشاؤمية والإيجابية, ولكن في حقيقة الأمر تُثبت منحى سير الأحداث والتغيرات الجيوبولتيكية المتسارعة المرتبطة بالأزمة السورية بأن هذه التطورات الأحداث تخضع لتسويات إقليمة ودولية غير معلنة ، وكذلك الدول المهتمة بالشأن السوري حاضرة بقوة في الترتيبات السورية على شكل تسويات مرتبطة بصراع المصالح والنفوذ، و لتفرز تلاقي المصالح هذه إنتاج تغير جذري في بنية الصراع السوري، والاستفادة من حالة الثورة في أحداث تغير شامل لتثبت سير الأحداث في سوريا من جديد بما لا يدع المجال للشك بأن سير الأحداث تلك جزء من التغيرات الجيوستراتجية بالنسبة لخرائط الشرق الأوسط الجديد، والتي ما يكاد نتنياهو ينتهز الفرص المتكررة في كل مرة وأكثر من مناسبة بالتباهي بقوة إسرائيل في يدها الطولى بأحدث تغيرات في خرائط الشرق الأوسط ولاسيما تغير النظام في سوريا، وكما أن تصريحات ترامب المتكررة وتلويحه عن إستئثار تركيا على النصيب الأكبر في سوريا لتثبت حقيقة بأن حالة التغير في سوريا ليست بمعزل عن التغيرات والتداخل صراع المصالح وتحقيق النفوذ العالمي. أن تقيم مسار الصراع والكثيرمن المتغيرات وبما أداء السلطة الإنتقالية وسوريا على موعد قريب في ما يقارب العام على تغير النظام، واستلام السلطة المؤقتة التغير والانتقال الديمقراطي الشامل في سورية فأن الإجراءات والخطوات التي أتخذتها هذه السلطة كانت مسار الجدلية بين مكونات الشعب من خلال الدعم والقبول والرضاء وما هو التشكيك والرفض وعدم الثقة. لا يخفى أن القوى الإقليمية والدولية ربطت مستقبل هذه السلطة الإنتقالية بمدى جديتها في تحقيق انتقال ديمقراطي شامل في سوريا يضمن إتاحة الفرصة لمشاركة كافة المكونات والاقليات في السلطة الجديدة وإدارة الثروات والسلطة،وكما لا يمكن لأي سوري يعتز تحرر سوريا من نظام الاسد أن ينكر شعوره بالاعتزاز وأن يرى سورية تعود إلى مكانتها في الساحة الإقليمية والدولية من خلال جهود الحراك الدبلوماسي للسلطة الإنتقالية في المبادرة إلى وضع سوريا على المسار الحقيقي، ولاسيما زيارة الرئيس السلطة الإنتقالية في سوريا أحمد الشرع إلى نيويورك، وخطابه على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت محل فخر لكل سوري عانى من سلطة وقمع البعث وديكتاتوريه، والاعتزاز بخلاص سوريا من صورة الدولة المارقة أو دولة الداعمة للإرهاب ومحور الشر الذي لأبد أن تواجه العقوبات والعزلة، لربما تُكلل هذه الجهود والحراك الدبلوماسي في تعزيز مكانة سوريا و البداية في رفع العقوبات عن سوريا، والبدء في مساعدتها على إعادة الأعمار، والمساعدة في عودة اللاجئين، ولكن الأمر الأكثر أهمية في مدى التزام السلطة الإنتقالية في تحقيق ووعودها أمام السوريين، وأمام الدول الداعمة لسوريين في أستغلال الفرصة التي اعطيت لها لإثبات نيتها في تحقيق أنتقال سياسي، وتحقيق تسوية سياسية شاملة للمساعدة وإتاحة الفرصة في تهيئة الظروف لمشاركة كافة المكونات والاقليات السورية في بناء سوريا، وتحقيق العدالة الإنتقالية، وترسيخ الديمقراطية و التعددية في شكل الحكم في سورية. هذا لا يخفى المخاوف والنقد من أجل الصواب في أن الخطوات البطيئة التي أتخذتها السلطة الإنتقالية في سوريا لم تكن في مستوى طموحات الشعب السوري التواق إلى الحرية والكرامة والمساوة والديمقراطية، ولاسيما أن كل تلك الإجراءات والخطوات والقرارات اعتبرت تهميشية وتكريس لسياسة التجاهل والاقصاء والإصرار على المركزية والشمولية والاستفراد بالقرار دون مشاركة باقي المكونات، وكما أنها اتسمت بالصبغة الواحدة والضيقة و اللون الواحد، الأمر الذي أدى إلى خلق شعورعدم الثقة بين الأقليات والمكونات والسلطة الإنتقالية في سوريا مما عزز هذا الشعور من إعادة تكرار أحداث الساحل والسويداء المأساوية بحق الأقليات والمكونات مرة أخرى. أن البداية الحقيقة لولادة حالة عدم الثقة بين الأقليات والمكونات والسلطة الإنتقالية في سوريا هي انعدام التشاركية الحقيقة والاقصاء في لجنة ما سمي الأعداد لمؤتمر الحوار الوطني، وطريقة تكوينها وإعداد مقرراتها في ولادة حالة النقد لهذه المؤتمر من خلال استفراد صبغة اللون الواحد في لجنة أعداد الإعلان الدستوري الذي تجاهل المطالب والحقوق الدستورية للمكونات والأقليات والسلطة، وكذلك طريقة تشكيل وتكوين الحكومة الموقتة، وطريقة أعداد وانتخاب أعضاء مجلس الشعب، وإعطاء رئيس السلطة الإنتقالية صلاحية تعين أكثر من ثلث أعضاء مجلس الشعب، والبدء في إصدار القرارات المتتالية لربما ستجد السلطة الإنتقالية نفسها لاحقاً في مأزق كبير ومضطرة تحت ضغط شعبي او إقليمي ودولي إلى إصدار قرارات أخرى تعالج قرارتها السابقة. أن إصرار السلطة الإنتقالية في سوريا على حالة التهميش والاقصاء والإصرار على المركزية في إصدار القرارات المتعلقة بالشعب السوري سيترتب عليها تداعيات سلبية منها ما هو داخلي ويتمثل في زيادة الشرخ وانعدام الثقة بين السلطة والأقليات والمكونات. الأمر الذي يتمثل في تعنت السلطة الإنتقالية في عدم الاستعداد لاستقبال الوفد الكُردي المشترك الذي انبثق عن أتفاق ٢٦ نيسان في قامشلي، والذي لاقى أجماع الشعب الكُردي وتأييده، وكذلك حُظي مباركة إقليمة من المرجع الكُردستاني مسعود بارزاني وفرنسا وأمريكا، وكما أن هذا الرفض في عدم الاستعداد لمناقشة المطالب المحقة للشعب الكُردي الذي تعرض للتهميش الكبير طيلة سنوات نظام و عدم مناقشة المطالب المحقة للشعب الكُردي الذي يريد الإنتماء لسوريا موحدة لامركزية تضمن حقوقه الوطنية والقومية المشروعة في الدستور السوري، ورغبته في المشاركة الفاعلة في بناء سوريا الحديثة الديمقراطية التعددية، وأن هذه التعنت من قبل السلطة الإنتقالية ستكون له عواقب كبيرة من خلال زيادة حالة عدم الثقة بين الشعب الكُردي والسلطة الإنتقالية في سوريا مما ستفقد السلطة الإنتقالية أبرز أحد الداعمين والمؤمنين بقدرة هذه السلطة الإنتقالية في تحقيق انتقال سياسي شامل يضمن مشاركة جميع المكونات السورية في السلطة والحكم. أن هذه المماطلة ستدفع إلى زيادة الشرخ وعدم توافر المناخ والارضية لتنفيذ أتفاق آذار بين الشرع وقسد ولربما ستجد السلطة الإنتقالية في دمشق نفسها مضطرة وتحت ضغط تركي إلى الذهاب إلى مواجهة مع قسد الأمر الذي ستفقد هذه السلطة الكثير من الدعم الدولي ولاسيما فرصة ترمب لاثبات هذه السلطة الإنتقالية حسن نيتها وتعهداتها بأحدث انتقال سياسي شامل في سورية مقابل عودة سورية لمكانتها الطبيعية ورفع العقوبات والدعم الدبلوماسي، ولا سمح الله في حال مواجهة لا مفر منها تنذر لها حجم الدعاية والخطاب الكراهية على الأعلام الرسمي الحكومي ووسائل التواصل الاجتماعي في سوريا ستجد السلطة الإنتقالية نفسها في مواجهة دموية، وكما أنها ستجد نفسها أمام خيارات صعبة تكلفها بقائها والعودة الى حالتها السابقة في فقدان الدعم الدولي قبل رفع العقوبات عليها ولاسيما المتعلقة بالارهاب، الأمر الذي لا يتمنى أي سوري رؤية تكرار مشاهد أحداث الساحل والسويداء، بالتالي ستكون هذه الأحداث نتاج عدم رغبة السلطة الإنتقالية في الاستعداد للتحاور مع الممثلين الحقيقين للمكونات في السويداء والساحل. في المحصلة، السلطة الإنتقالية مُطالبة بإتخاذ خطوات وإجراءات حقيقة في عدم الاستمرار بحالة التفرد بالسلطة والاقصاء والإصرار عل التهميش والتجاهل التي تشكلت لدى كافة المكونات والاقليات في سوريا، مما عزز حالة الشرخ وعدم الثقة بين السلطة والأقليات، وكذلك ادت إلى زيادة الانقسام المجتمعي، وكذلك السلطة الإنتقالية في دمشق مطالبة بإجراء انتقال سياسي أو تحول ديمقراطي سلمي يعزز الشعور بالانتماء إلى مفهوم المشاركة في بناء سورية الحديثة الديمقراطية التعددية التي لابد أن يتشارك فيها الجميع السلطة وإدارة النفوذ والثروات .الامر الذي لابد أن يتجلى من خلال مؤتمر حوار وطني حقيقي في دمشق يتشارك فيه الجميع ولا يستثنى أي أحد، و يستند إلى ثوابت وطنية حقيقة، وتمثل مبادئ الثورة السورية ومباركة ودعم ومساعدة إقليمة ودولية توفر الظروف الملائمة لإعادة إعمار سورية، وعودة جميع اللاجئين والمساهمة في بناء وطنهم سوريا.
ليفانت:بقلم عبداللطيف محمدامين موسى
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!

