-
تحليل هآرتس: مصالح جنوب سوريا واختبار المفاوضات مع إسرائيل

تشهد منطقة جنوب سوريا تحولات دبلوماسية غير مسبوقة، حيث باتت المنطقة مركزًا للصراعات والمصالح الدولية والإقليمية، ما يسلط الضوء على أهميتها كمفترق طرق للسياسات الأمنية والسياسية لكل من إسرائيل والولايات المتحدة. ومع اقتراب المحادثات الأخيرة من وضعها على المحك، يبرز أن هذه اللقاءات قد تشكل استثناء نادر للطابع العدائي غالبًا بين سوريا وإسرائيل، إلا أن فشلها قد يؤدي إلى تصعيد عسكري يتجاوز حدود المنطقة.
وفي سياق حديث عن اللقاءات الأخيرة، يُنظر إليها على أنها انعكاس لتزايد الانخراط الأمريكي، الذي ينظر إليه على أنه لاعب رئيسي في إعادة تشكيل نظام إقليمي جديد، بمشاركة تركيا التي تمتلك أيضًا طموحات واضحة في سوريا.
وفي السياق ذاته، جاء الاجتماع في باريس بشكل رسمي وبأسلوب غير معتاد، مما يعكس اعترافًا علنيًا من وسائل الإعلام السورية الرسمية بأهمية الحوار الجاري، وهو مؤشر على بداية تغير في مقاربة الأوساط الرسمية السورية تجاه المنطقة.
وأفادت مصادر مطلعة أن الهدف الأساسي من اللقاءات هو منع وجود حزب الله، أو القوات الإيرانية، أو أي جهات معادية أخرى، من ترسيخ أقدامها في جنوب سوريا. وتُناقش حاليا مقترحات تقضي باقتصار وجود القوات في المنطقة الحدودية على قوات أمنية غير مسلحة ذات دور أمني محدود، يقتصر على حفظ النظام ومنع التصعيد.
بالنسبة للنظام السوري، تعتبر هذه المحادثات فرصة لفتح قنوات تواصل مباشرة مع إسرائيل، وتعزيز علاقاته مع واشنطن، لكن أي تنازلات قد يقدّمها الرئيس أحمد الشرع قد تُعتبر خيانة داخلية، وتنعكس على شرعيته الشعبية، خاصةً في ظل التحديات الداخلية وخشية التمرد على القرارات.
وفي المقابل، تسعى إسرائيل، التي تسيطر حاليًا على أجزاء من المنطقة الحدودية، إلى تجنب تحمل مسؤولية إدارة السكان المحليين، وتوجيه السيطرة بشكل غير مباشر لدمشق، للحفاظ على استقرارها وصعوبة المواجهة المباشرة.
أما في السويداء، فقد كانت المنطقة محورًا رئيسيًا في المناقشات بين المبعوث الأمريكي وزعيم الطائفة الدرزية، حيث نوقش إنشاء معبر إنساني تحت إشراف الولايات المتحدة، ويُعد هذا المقترح اختبارًا لقدرة سوريا على التعاون مع إسرائيل، خاصة في مجالات حماية السكان وتعزيز حكم الذات.
وتعكس الدعوات إلى الحكم الذاتي للدروز رغبة المجتمع المحلي في حماية هويته وأمنه، فيما تعتبر دمشق أي تنازل عن السيادة الوطنية مخاطرة جسيمة، قد تفتح الباب لمطالبات مماثلة من جماعات أخرى، مثل الكرد، مما يهدد وحدة أراضي سوريا واستقرارها.
وفي النهاية، تظهر هذه التطورات مدى تعقيد المشهد في جنوب سوريا، حيث تتداخل المصالح الدولية والإقليمية، وتقترب المنطقة من مفترق طرق، يتوقف على نتائج المفاوضات وما إذا كانت ستنجح في إعادة ترتيب خريطة النفوذ والصراع في المنطقة.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!