الوضع المظلم
الأحد ٠٩ / نوفمبر / ٢٠٢٥
Logo
  • موانئ سوريا: استثمارات إماراتية فرنسية تركيا تُعيد رسم خريطة التجارة

موانئ سوريا: استثمارات إماراتية فرنسية تركيا تُعيد رسم خريطة التجارة
ما دور الموانئ السورية في الحياة الاقتصادية ..؟

شهدت سوريا خلال الأشهر الماضية تطورات مهمة على مستوى الاستثمار في قطاع الموانئ والبنية التحتية، حيث أصبحت موانئ البلاد محط أنظار أكبر الشركات العالمية، مما يعكس تصاعد الرهانات على موقعها الجيوستراتيجي في خطوط التجارة الإقليمية والدولية.

فقد دخلت ثلاث شركات رئيسية ضمن قائمة أكبر 20 مشغلًا لموانئ الحاويات عالميًا، خلال أقل من سنة، مع استثمارات مباشرة في سوريا، بدايةً من مجموعة CMA CGM الفرنسية، التي كانت من أوائل المستثمرين في ميناء اللاذقية منذ عام 2009، وعقدها الأخير المبرم مع الحكومة السورية في أيار الماضي لتمديد عقد تشغيل الميناء لمدة 30 عامًا، باستثمارات تقدر بـ260 مليون دولار، يعتبر نقلة نوعية ودلالة على مدى التزام الشركة بسوق سوريا. وتعتبر مجموعة CMA CGM اليوم ثالث أكبر شركة شحن بحري عالميًا وثامن أكبر مشغل للموانئ على مستوى العالم.

وفي سياق متصل، انضمت مجموعة موانئ دبي في الشهر ذاته إلى المشهد، من خلال مذكرة تفاهم لتطوير ميناء طرطوس ومناطق صناعية وموانئ جافة، مؤكدة مكانتها كثالث أكبر مشغل للموانئ عالميًا، مع استثمارها الواسع في سوريا بقيمة تقارب 800 مليون دولار.

أما الجديد، فكان قبل ثلاثة أيام، بإعلان مجموعة موانئ أبو ظبي عن استحواذها على 20% من محطة حاويات اللاذقية، في اتفاقية تشمل مشروعًا مشتركًا مع CMA CGM، بهدف تطوير البنية التحتية ورفع كفاءة المحطة، إلى جانب توسيع قدراتها التشغيلية، في خطوة دفعت شركة “جي إف إس” المملوكة لمجموعة موانئ أبو ظبي، إلى تبني خطة لزيادة قدرتها الاستيعابية بميناء اللاذقية بنسبة 150% خلال عام واحد، مع استهداف تعزيز حضورها في ممرات التجارة بين آسيا وأوروبا.

الملفت أن هذه الاتفاقية أُبرمت في أبو ظبي بين التنفيذيين في الشركتين، من دون حضور رسمي سوري، ما يثير تساؤلات حول السيادة، خاصة وأن الاتفاقية تأتي بكلفة ضئيلة نسبياً (22 مليون دولار)، مقارنة باسمعة استثمارات موانئ دبي في ميناء طرطوس، التي بلغت 800 مليون دولار. وتُعدّ هذه الخطوة دليلاً على وجود رغبة إماراتية واضحة في استثمار ميزتها التنافسية في الموقع الجيوستراتيجي لسوريا، وتأكيدًا على دعم الحكومتين الإماراتية والفرنسية لـ"العهد الجديد" بسوريا، في ظل علاقات وثيقة تربط بين الشركتين والحكومتين.

اقتصاديًا، يلعب ميناء اللاذقية دورًا محوريًا كالمركز الرئيسي للبضائع والحاويات في سوريا، حيث تتجاوز نسبة المناولة داخل الميناء 95% من عمليات التبادل البحري في البلاد. وتخطط مجموعة CMA CGM لزيادة قدرتها الاستيعابية للميناء بنسبة 150% خلال عام، في مؤشر واضح على نية تعزيز حركة التجارة عبر سوريا، والمتوقع أن تتصاعد بشكل ملحوظ.

وفي هذا السياق، أعلنت شركة "جي إف إس" المملوكة بنسبة 51% من مجموعة موانئ أبو ظبي عن نيتها توسيع عملياتها في الميناء، بهدف تعزيز حضورها في خطوط التجارة البحرية بين آسيا وأوروبا، وهو ما ينسجم مع الطموحات الإقليمية الكبرى لإعادة إحياء طريق الشرق الأوسط البري، الذي يربط تركيا بالأردن والخليج عبر الأراضي السورية، ومن المتوقع أن يصبح فعالاً بحلول 2026.

وتأتي هذه التوجهات الاقتصادية والسياسية في سياق تنافس إقليمي ودولي على استثمار الموقع السوري، الذي يظل محط أنظار قوى عديدة، أبرزها روسيا وإيران، رغم تراجع الحلم الروسي-الإيراني في استغلال سوريا كعبور استراتيجي. إذ تسارع الإمارات وتركيا لملء الفراغ، مع سعي كل منهما لتعزيز مصالحها التجارية والجيوسياسية عبر استثمارات ضخمة ومتنوعة، تدعم استراتيجيتها في المنطقة.

وفي إطار الانتقادات، برزت أصوات تشير إلى تخلّي الحكومة السورية عن حقها في إدارة أصولها السيادية، خاصة فيما يتعلق بالموانئ والمرافق الحيوية، رغم أن الاتفاقات الأخيرة تعتبر قانونية، إلا أنها تثير مسألة السيادة، لا سيما وأنها تأتي في ظل ظروف اقتصادية صعبة، تتطلب استثمارات خارجية لإنعاش الاقتصاد وإعادة البناء.

المصدر: المدن

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!