-
نيويورك تايمز: عملية الاختفاء الكبرى.. كيف فر نخبة نظام الأسد من سوريا

بعد ليلة دامية من 8 ديسمبر 2024، شهدت دمشق فصولًا غير مسبوقة من الهروب الجماعي لمساعدي رأس النظام السوري، بشار الأسد، في لحظة انهياره المفاجئ. تجمع العشرات في الظلام خارج القسم العسكري بمطار دمشق الدولي، يحملون أمتعتهم، ويصعدون على طائرة صغيرة تابعة للخطوط الجوية السورية، بينما كانت أعين العالم تتابع فجيعة سقوط النظام.
شهدت الرحلة، التي ضمّت شخصيات فنية وإدارية عُرفت بصلتها الوثيقة بمفاصل الحكم، أسماء في طريقها إلى موسكو، مثل مدير المخابرات الجوية قحطان خليل، ووزير الدفاع السابق علي عباس، ورئيس أركان الجيش عبد الكريم إبراهيم. العديد من هؤلاء كانوا بمثابة العمود الفقري لنظام قمعي قاس، والآن، مع هروب الأسد، أصبحوا في عداد الهاربين، يهرعون مع عائلاتهم لركوب طرق الهروب المتنوعة.
وفيما لم يُكشف بعد عن مصير جميع المسؤولين، تكشف تحقيقات نيويورك تايمز عن مسارات غامضة وملفات سرية، تتبع حركة 55 من كبار المسؤولين، عبر تتبع الأرصدة الرقمية، حسابات التواصل الاجتماعي، والعقارات المهجورة، وفواتير الهواتف، وبطاقات الائتمان القديمة. بين هؤلاء، يوجد من يعيش حياة رفاهية في موسكو، ومن يخطط للتخريب من لبنان، وآخرون يواصلون العمل داخل سوريا، مستخدمين جوازات سفر مزورة وطرق تهرب غامضة، حتى مع استمرار انتشار الفوضى في البلاد.
بدأت عمليات الهروب الكبرى في ليلة 7 ديسمبر، بعد أن أدرك كبار مساعدي الأسد أن مصيره قد انتهى، وأن النظام يتهاوى بسرعة. استُدعي بعضهم إلى منازلهم، ثم فجأة، وجدوا أنفسهم في موكب من السيارات، أو يختبئون في السفارات، بينما كانت الطائرة الخاصة تقلهم نحو روسيا، بعد عمليات تخطيط محكمة ومخاطر عالية.
وفي ذات الوقت، كان جهاز المخابرات السورية لا يزال في حالة من الاستيقاظ، محتملاً المزيد من الانهيارات، رغم أن العديد من عناصره كانوا يظنون أن النظام لا يزال قويًا. بعضهم حاول الفرار بشكل غير سلسٍ، كمال الحسن، على سبيل المثال، تعرض لمواجهة مسلحة أثناء محاولته مغادرة منزله قبل أن يهرب في النهاية إلى السفارة الروسية.
أما فيما يخص شخصيات أخرى، فبعضهم تمكن من الفرار بكفاءة عالية، والبعض الآخر واجه مصاعب خطيرة أثناء محاولته الهرب، مثل اللواء المتقاعد بسام حسن، الذي اضطر إلى ترك حقائبه وغادر بسرعة، بينما كانت أسوار المدينة تشتعل بالثوار.
وفي خضم الفوضى، استمر النظام في المقاومة على مستوى الأفراد، حيث بقي عدد كبير من العناصر في المجمعات الأمنية، يترقبون مصيرهم، بينما كانوا يسعون لحماية أنفسهم. بعض هؤلاء، مثل علي مملوك، تمكن من الفرار في النهاية، ليختبئ في موسكو، في انتظار تطورات المرحلة الجديدة، وفقًا لمصادر مقربة.
أما عن تأثيرات هذه الهروب الجماعي، فقد رأى الكثيرون أن هناك تفاهمات ضمنية، بأن كثيرًا من أنصار الأسد سيتم السماح لهم بعبور الحدود، رغم أن الثوار استهدفوا بضراوة من يحاول الفرار، وكان من بينهم شخصيات رفيعة المستوى، مثل اللواء بسام حسن، الذي اضطر إلى الانتشار في الطرقات المظلمة، محاولًا النجاة من مطاردة الثوار.
وفي النهاية، يظل الحاضر المأساوي هو أن أسماء وأوجه هؤلاء المسؤولين، الذين كانوا في أعلى هرم الحكم، يعيشون الآن حياة رفاهية، بينما يُهدد مصير سوريا كله بالتلاشي، ويواصل المقربون من النظام تصديق أن رجال الأسد، سواء في موسكو أو غيرها، ينسون مجددًا، ويحلمون بحياة جديدة، بعيداً عن جحيم مأساتهم.
المصدر: وكالات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!