الوضع المظلم
الثلاثاء ١٨ / نوفمبر / ٢٠٢٥
Logo
  • الحكم الذاتي الحقيقي: وطن واحد دولة موحَّدة ونظام فيدرالي!

الحكم الذاتي الحقيقي: وطن واحد دولة موحَّدة ونظام فيدرالي!
عبد المجيد موميروس

الحكم الذاتي الحقيقي: وطن واحد دولة موحَّدة ونظام فيدرالي!

بقلم عبد المجيد موميروس

المنسق المرحلي للتحالف الديمقراطي الفيدرالي

إن الحل النهائي المرتقب لنزاع الصحراء، ليس كما تُصوّره دوغمائية بعضُ النخب. والتي تحاول تأويل مفاهيم القرار الأممي، على مقاس الهوى التنظيري القاصر. ذلك؛ بما أن أحكام الدستور المغربي، لا يمكنها أن تسع نتائج المفاوضات المباشرة. إذ؛ لِهاته المفاوضات مداخل عديدة، ومخرج خاص. فالحكم الذاتي الحقيقي, ليس مجرد وصفة داخلية جاهزة ممنوحة. مثلما؛ ليس بوسع الميثاق الدستوري الحالي، أن يؤطر هندستها السياسية أو الترابية.

لذا؛ أنطلق من إعادة التنبيه، إلى أن الحل النهائي المرتقب، يتأسس على توافقات وتنازلات عميقة، بين المغرب وبين جبهة البوليساريو. فنحن أمام مفاوضات لنزع السلاح، وإعلان بطلان "جمهورية مُعلنة"، وتدبير رجوع العائدين، وإعادة دمج المسلحين. مفاوضات مفتوحة على شرط الممكنات، قصد تطبيقها داخل إطار الدولة المغربية الموحدة. ذلك؛ بعد تبادل وثائق إتفاقية السلام، والمصادقة عليها.

بل؛ أن مخاض المفاوضات بين طرفي الصراع، والمشاورات مع جميع الأطراف، خاضع لمراقبة أممية شديدة. تؤكد على مفاوضات مباشرة، أساسها الحكم الذاتي الحقيقي، لكنها تبقى غير مشروطة. من حيث أنها مفاوضات؛ من أجل التوصل إلى حل، عادل ودائم ومقبول للطرفين. يقوم على التوافق، ويتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك مبدأ تقرير المصير. مفاوضات ثنائية؛ قد تفرض على المغرب، توزيعاً جديدا للسلطات، بين المركز وبين الجهات الجنوبية. مفاوضات؛ قد تنبثق عنها مؤسسات محلية منتخبة، ذات إستقلالية مالية، وصلاحيات تشريعية وتنفيذية كبرى. وإنها مقدمات؛ قد تكون أقرب إلى النظام الفيدرالي الديمقراطي، وأبعد من لا مركزية النسق الدستوري الحالي.

كلمة الرئيس مسعود بارزاني في مخاض الحكومة العراقية الجديدة

بالتالي؛ إنّ نتائج هذه المفاوضات المباشرة، لا يمكن إستنباتها في بيئة داخلية، لم تستوعب بعد ماهية الحل النهائي المتوافق عليه. فالجلوس على طاولة الحوار مع جبهة البوليساريو، قد يشهد توسيعا للنقاش التفاوضي. حتى يصل إلى تفسير متطور، من تفاسير الحكم الذاتي الحقيقي، ألا وهو: "الفيدرالية الديمقراطية داخل وطن واحد". وكل قفز نخبوي دوغمائي؛ فوق آليات التفاوض الأممية، التي وردت ضمن قرار مجلس الأمن الأخير. هذا القفز المتهور؛ قد يحمل مخاطر سيادية، لأنه يفتح باباً لإنزياحات لا حصر لها. قد تُنتج قرارات أممية، لا علاقة لها بالمقترح المغربي الأصلي.

كما أن الهرطقات النخبوية الرائجة، عن حل جاهز ممنوح لطي النزاع. يتجاهل أن طاولة المفاوضات الثنائية، هي مجال مفتوح للأخذ والرد بين المتحاورين. ذلك؛ تحت إشراف مجلس الأمن، الذي يدعم حلا متوافقا عليه، عبر النظر في «أي اقتراحات بناءة» من الطرفين. مما يتطلب تقاسما مزدوجا للسلطات، من أجل توطيد سيادة مغربية مكتملة، عنوانها الدولة الموحدة. هذا التقاسم المتكافئ بين المستوى المركزي، وبين المستوى الجهوي، الذي تصير لديه اختصاصات أصلية. هذه الإختصاصات التي لا يمكن أن تنبع، إلا من ميثاق دستوري فيدرالي جديد.

لأن إشكالية الحكم الذاتي الحقيقي، ليست تقنية فقط. بل ثقافية وسياسية، ترتبط بمعنى تقرير المصير، في إطار الوحدة والسيادة المغربية. كما أنَّ أجوبتها غير مترادفة مفاهيميا، مع الأحكام الدستورية القائمة، بالقصد الذي يجعل إتفاق السلام المأمول، واقعياً أو مستداماً. مما يتطلب مراجعة دستورية، وتوعية وطنية صريحة. تخصان المتغيرات البنيوية، التي قد تطرأ على طبيعة الدولة المغربية نفسها. وليس إبتداعَ هرطقات نخبوية تقسيمية، من قبيل ثنائية "بْلَادْ الحكم الذاتي .. وَبْلادْ المخزن". فإنما الحكم الذاتي الحقيقي، الذي يمكن أن يكون النتيجة الأجدى. يتلخّص في عبارة: وطن واحد ودولة موحدة ونظام فيدرالي.

فهكذا إذن؛ إن المراجعة الدستورية المطلوبة، تعد خطوة جوهرية، لتوزيع السلطة وتحقيق الاستقرار، وتوطيد  السيادة المكتملة. على أساس نظام فيدرالي ديمقراطي، تُمنح فيه الوحدات السياسية الجنوبية، صلاحيات متطورة في إدارة شؤونها الداخلية. ذلك؛ دون أن تصبح هذه الوحدات المستحدثة، مستقلة تمامًا عن الدولة الأم. بل؛ يكون مرجع الحكم الذاتي الحقيقي، إلى الدستور الجامع، وليس إلى الحكومة المركزية.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!