-
ملفات ثقيلة على الطاولة.. زيارة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع لموسكو

في زيارة وصفها المراقبون بأنها الأهم منذ توليه منصبه، وصل الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى موسكو حاملاً معه ملفات حساسة تتعلق بمصير القاعدتين الروسيتين في طرطوس وحميميم، وسيناريوهات إعادة تسليح الجيش السوري، بالإضافة إلى مطالبة دمشق بتسليم الرئيس السابق بشار الأسد، وملفات اقتصادية تتعلق بالاستثمار والطاقة.
وتأتي هذه الزيارة بعد سلسلة من التحركات الدبلوماسية بين دمشق وموسكو، بدأت بزيارة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى دمشق، تلتها اتصالات هاتفية بين الرئيسين في فبراير الماضي، ثم زيارات لوزيري الخارجية والدفاع السوريين إلى موسكو في يوليو، وصولاً إلى اللقاء المهم بين الشرع والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي قد يُعيد رسم ملامح العلاقة بين البلدين.
وفي حديثه لسكاي نيوز عربية، أكد الباحث السياسي بسام السليمان أن زيارة الشرع «تندرج ضمن دبلوماسية سورية جديدة تعتمد على بناء علاقات متوازنة، قائمة على المصالح المشتركة، وليس على الاصطفافات»، مشيراً إلى أن دمشق «تسعى لإعادة ضبط العلاقة مع موسكو على أساس من الندية والاحترام المتبادل».
ولفت السليمان إلى أن «ملف تسليم بشار الأسد سيكون حاضراً بقوة على طاولة المباحثات»، مضيفاً أن سوريا «لن تتنازل عن حقها في محاسبة من تقول إنه مجرم قتل مليون إنسان»، لكنه استبعد أن تقوم روسيا فعلاً بتسليمه، لأن مثل هذه الملفات عادة تُستخدم كورقة تفاوض سياسية. كما أكد أن موسكو «مطالبة أخلاقياً» بتحسين موقفها تجاه العلاقات التاريخية بين الشعبين، باعتبار أن الزيارة فرصة لـ«فتح صفحة جديدة تركز على المصالح والتوازن، بعيداً عن الهيمنة العسكرية أو التدخل في الشؤون الداخلية السورية».
من جهته، أكد نيكولاي سوخوف، كبير الباحثين في معهد الاقتصاد والعلاقات الدولية في أكاديمية العلوم الروسية، أن «الوجود العسكري الروسي في سوريا مسألة استراتيجية تتعلق بمصالح موسكو الاقتصادية والجيوسياسية في شرق المتوسط»، موضحاً أن القاعدتين في طرطوس وحميميم «تمثلان محوراً أساسيًا للتعاون العسكري والاقتصادي مع دول المنطقة وإفريقيا». وأضاف أن روسيا تتعامل برغبة في الحفاظ على مصالحها مع النظام السوري، مع إدراكها للأخطاء التي ارتكبها نظام الأسد، إلا أنها اليوم «تعمل مع حكومة تملك شرعيتها الداخلية والدولية».
وفي سياق ملف بشار الأسد، أشار سوخوف إلى أن بوتين «لن يسحب اعترافه به كلاجئ في روسيا»، لكنه قد يكون منفتحاً على تسوية حول أموال وممتلكات النظام السابق، مستبعداً أن تتجه موسكو لتسليم أي من «الفلول العسكريين» الذين فروا من سوريا.
ويرى مراقبون أن زيارة الشرع تمثل اختباراً حقيقياً لمتانة العلاقات بين موسكو ودمشق، خاصة مع سعي سوريا لتنويع الشراكات مع الغرب والخليج. ويؤكد السليمان أن «روسيا لم تعد الطرف الأقوى كما كانت في عهد الأسد، وسوريا اليوم تملك هامشاً أكبر للمناورة السياسية»، مضيفاً أن هذه الزيارة قد تمهد لمرحلة جديدة من العلاقات السورية الروسية، تقوم على المصالح والتفاهم، بعيداً عن التبعية والإملاءات، مما قد ينعكس على ملفات حساسة مثل الوجود العسكري، وإعادة الإعمار، والتوازن الإقليمي في مواجهة إسرائيل.
وفي ختام التحليل، يرى الخبراء أن لقاء بوتين والشرع ليس مجرد زيارة بروتوكولية، بل خطوة حاسمة في تحديد مستقبل السياسة السورية، وتوجيه مسار البلاد خلال المرحلة القادمة، بين موسكو والغرب، بعد عقد من الاضطرابات والصراعات.
المصدر: سكاي نيوز
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!